الحياه الريفيه في تعز

أولا : الصباح :
بعد أن تصحو النسوة ويعددن الفطور (القراع) ينهض الرجال من اسرتهم باكرين ليتناولوا الفطور الذي تكون (فتة دخن مع لبن وسمن أو فتة عسل وسمن .... الخ ) ويبدءوا يوم عملهم الطويل بالاستفتاح ( يا فتاح ياعليم .. يا رزاق يا كريم ... يا قاضي الحاجات ) (على بابك يا كريم .. على بابك) ثم يبدأ بتهيئة النفس للعمل بالطلب من الخير (من طلب الله .. زاده و عطه خير ... واطلبنا الله ... ما طلبنا الغير) وقبل أن يغادروا منازلهم متوجهين إلى أعمالهم يكون لعلاقتهم بنسائهم اهتمام خاص يصيغونها بكلمات طيبة تعبر عن الود والامتنان وحسن معاشرتها .. وابرز ما يحضرني هنا :-

صباح اللي تبكر ..... سالية ما هيش ضجر
صباح اللي تبكر ...... بالقهاوي والكدر
**
يا صباح اللي ...... فتة واندلي
يا صباح اللي .... مشقره فلي
**
صباح من تقوم سحار ... وتسقى الثور والحمار
**
صباحك ومليحة ....... واين قنتي سارحة
**
بكرة ساري .. .. مع الاطياري
بكرة ساري ... .. فوق الابياري
**

1- في الحقول (الحرور ، والتقريب ) :
قبل دخول مبكر تسعى اسر الرعوية الصغيرة والكبيرة في قرى جبل حبشي للاهتمام بأرضها وإعدادها لموسم الخير والبركة وبمقدار ما تهتم بالأرض تعطيك الأرض .. ويكون موعد الحرور في «شباط» بحيث يجري «المحر» في الحقل لإزالة الطبقة العليا من التربة التي تكون قد فقدت خصائصها الطبيعية وصلاحيتها لإنتاج محصول جيد ويتم سحبها بالمحر إلى طرف الحقل ليتكون منه (سوم القطين) .
بعد الحرور تقوم بعض اسر الرعوية في مائلة بعملية (البتلة) بالمحراث أو (البتالة-الحراثة) حتى تتنفس التربة وتكون في أتم الاستعداد لاحتضان بذور الخير .
2- عملية التبريح والتنضيح :
بعد عملية (الحرور والتقريب) في الأرض يبقى الحقل في حاجة إلى التنظيف والتشذيب .. فيقوم الرجل وإلى جواره المرأة وإذا وجد الأبناء بإزالة الشجيرات الحراجية والحشائش وإزالة ما يبرز في الحقل من أحجار و(أوضار) ومنها يقوم بإصلاح أي أضرار في حدود الحقل إذا وجد (جرف) و يعني الجرف : تهدم جزء من (عصبة القطين) الجدار
المدرج القائم عليه الحقل ، وغالبا تكون الارض في هذا الوقت جافة فاغرة فاها تنتظر الغيث .. وإذا ما هطل الغيث وارتوت الارض هناك يبدأ موسم الخير .

3- الذري (مبكر):
مبكر الاسم الجميل في ذاكرة اليمنيين منذ الأزل وبه بدأت سنتهم الزراعية وبه سموا أول شهورهم الزراعية وإليه تضل تهفوا نفوسهم حبا واشتياقا إذا ما انتهى موسم الخير ومن هنا نشأت العلاقة الارتباطية الموثقة بين أطراف العملية الزراعية «مبكر والأرض والفلاح والثور والنبال » وتفاعلت هذه المفردات لتشكل بداية موسم الخير بداية مبكر الذي نحاول أن نرصد طقوسها وتقاليدها وأحاسيس الفلاح والبتول والاثوار في أرضهم .. الأشجار تحوطنا باخضرارها والأزهار تغدقنا بعطرها الفواح يا له من صباح جميل وأنت تستنشق النسمات النقية العطرة وتلامس بجسدك الطل وقطر الندى من على وريقات الشجر وفوق الأحجار ..وتطربك العصافير مبشرة بحياة جديدة.
مع حلول موسم الزراعة تطربك زخم الحياة الريفية ومكوناتها (الإنسان والطبيعة الخلابة) وما أن تحل معالمها يستنهض الفلاحون هممهم، حيث لم يعد الوقت للخمول والكسل والاسترخاء.. لأن «مَبْكَرْ لمن بَكَرْ» يومها تنتهي إجازة (الاثوار) والنبال ويبدأ الحقل يشتاق لضربات النبال (المحراث) ووقع أقدام البتول والاثوار ... ويسعد الثور بقدوم مبكر ويستبشر خيرا وقد قالوا قديما ((ما بشر واثور .. قال مبكر ثلاثين يوم)) أي أن شهر مبكر 30يوما يكون منه ))12 يوماً بطين من أول أيام مبكر و12 يوماً ثُرية و6 أيام ثور ، ويتم أولا زراعة (قطاون الشعاب والأوجان) وهي التي تكون تربتها مخلوطة بالحصى في الأيام الأولى من أيام منزلة البطين ، أما الأرض الخصبة (السباب) فيتم زراعتها في الـ 6 الأيام الأخرى من منزلة البطين، أما منزلة الثريا وهي 12 يوماً من أيام شهر مبكر فتزرع بها الأرض ذات التربة القاسية (صلب) ، وفي الـ 6 الأيام الأخيرة من شهر مبكر تسمى منزلة الثور يتم زراعة الحقول الخصبة التي (دملت ) خلطت بمخلفات المواشي ... وعادة تسبق سبول الأرض المدمولة سبول (ثمار) الأرض التي زرعت في البطين والثريا )) –*

في موسم مبكر يستيقظ صاحب الأرض مبكراً مستنفراً كل قواه «اليوم ذري اتهردي وغبراء» وتشترك المرأة في
نسج خيوط حب الأرض وفلاحتها.. يشدو
الرجال والنساء بمهالج صباحية «يالله صبحنا، بالرضا والخير» و«من طلب الله
زاد واعطاه خير».. مع الصباح
الباكر قبل أن ترسل الشمس أشعتها
يتجه الفلاحون في الجبل إلى حقولهم وبخطوات متسارعة على إيقاعات الصباح ويشدون بالمهالج الجميلة النابعة من صميم
إيمانهم بالله خالقهم وخالق الأرض ومنزل المطر ومنبت الزرع والثمار :-

يا الله اليوم
ورحمن
وقاضي
الدين ودايان
***
الله ياداري .. مو يقول الطير
يالله صَبِّحنَا
.. بالرضا والخير
أسألك وارب .. وكثير الخير
***
من طلب الله .. زاده و عطه خير
واطلبنا الله .. ما طلينا الغير
***
يامديم دائم
... ديم علينا الخير

وفي هذا الزخم
الخلاب وبعد وصول البتول والاثوار إلى الحقول ويبدأ بتركيب (المضمد) على
الاثوار ثم يركب عليه النبال (المحراث) وهو يطلق صيحاته (وهها وهها) ليبعد وحشة الثور ويجعله يتقبل النبال
برحابة (ظهر) ، أثناء ذلك يكون (الذراي) وهو رجل أو امرأة قد جهز (المذرو)
وهو أداة حمل حبوب الذري مصنوع من سعف النخيل يتكون من وعاءين كبيرين
مخصصين لحبوب الغربة (الذرة) والوعاء الصغير مخصص للحبوب الدخن ، فيضع
البتول النبال في طرف الحقل فيمخر به عباب الحقل وهو يوجه بصوته الاثوار
(وها وها ،، وها وهاسوم ،اجنوب) تلاحقه خطى الذراي وهو يرمي بالحبوب في جوف
(التليم) قبل أن يهيل عليها بقدمه اليمنى قليل من التراب لتمارس الحبوب
عناقها الخالد بالتراب لتبدأ قصة الخلق من جديد .

ليس
كل الأسر في الجبل تستخدم (الثور والنبال) في موسم (البتلة) فهناك من
يستخدمون (البتالة- الحراثة) وهي أسرع وسيلة وارخص ثمن كون سعر عمل الاثور
طوال اليوم (عشوية) يبلغ (7000ريال ) هذه الأيام ، ومع وجود الطريقيتن
(الاثوار والبتالة) تبقى هناك أماكن من الحقل أو الشعاب لا يمكن وصول أي من
الطريقتين إليها .. لذلك يلجئ الفلاح إلى استخدام طريقة (الزجاد ) وهي حرث
الأرض بآلة (الحجنة) بحفر صغيرة ترمى فيها الحبوب ويهيل عليها التراب
بواسطة الحجنة .
حتى الأطفال تسعد بهذا الزخم .. وتنطلق
كالعصافير في الحقول .. تحمل الماء والقهوة للبتول والذاري في الحقول ..
فتلاحق خطوات البتول في التليم وتلاحق بتالة العم نعمان (صاحب القلب الطاهر
والاخلاق الحميدة) الذي يتكرم اصطحابهم في احد أركان البتالة أو في مكان
الذري .. ليسعدوا بسير البتالة (الحراثة) بين التليم وعلو وانخفاض سنون
البتلة ... أحاسيس جميلة .. عشناها كأطفال .. تضل صورها محفورة في قاع
الذاكرة بتكويناتها وأسماء البتالين (علي الصوفي ،على العديني ... ) والاسم
الجميل نعمان ... الذي مازال يتذكر شقاوتي إلى يومنا هذا .. ومازال يسأل
والدي على ذلك الطفل الشقي الذي كان يجده في موسم الخير ... والجميل
والاجمل أن نعمان مازال كما هو بيت الحقول إلى يومنا \\

.. وفي كل عملية
زراعية يطلق الفلاح العنان لمشاعر العشق والتقديس للأرض عبر مهالج خاصة بكل
مناسبة بإيقاعات غنائية جميلة للأرض والزرع والمطر والحبيب .. يملئها بالحب، والشوق، والدعاء، والأمل،
والفخر والاعتزاز ،والعشق، والحنين
.. تضل متوارثة على مدى الأزمان وتتابع الأجيال حتى تغدوا مهالج الفلاحين
في مائلة هي اللغة التي تفهمها الحقول ويطرب لأنغامها الأشجار والأحجار .

الـــــيـــــو
م ذري تــــهـــردي وغــــبــراء ** والأخـضـري بــكـــر مـعـانـا يذرى
الـــيــــــو م ذري وحــــل الذري
حِــــلّــه ** الــــيـــــوم ذري مـــبكـــر مـو نقـــله
***
اليوم ذري .. اين شتروح وما كري
*****
مبكر لمن بكر
من سيبه يندم
يسرح مع الأخدام
يعمل جليده طار
وساعده مزمار
مزمار مع الشيطان
وركيبه مكيال
يكيل بها الكيال
يشفق بكل دكان
**
حمامي بلا ريش هيربو جليل ***** ارجولوا
مناقيش هيربو جليل

[b][size=12]4-
( التحويض و الجلب و التفقيح ) :
بعد
انتهاء مبكر (موسم الذري) وبحكم قرب الأراضي الزراعية في قرى الجبل ، يضل
الفلاح يتفقد زرعه يوميا بالمرور على حقوله يترقب الزرع الذي أصبح في منزلة
الابن للفلاح وهو يغادر شرنقة التربة ويقيمه إذا ما تعرض لأي ضرر بفعل
مرور إنسان أو حيوان عليه فتراه يربت عليه وهو يقول (شتكبر وشتنسي يا زرعي)
فيستمر على هذا الحال مدة ترتبط بهطول الأمطار ليبدأ عملية (( التحويض و
الجلب والتفقيح )) وهي عملية مساعدة لنشوء الزرع واستقامته ، وفيها تلجئ
بيوت الزراعة الكبيرة والميسورة إلى جلب حقولهم بالمضمد (الاثوار والنبال)
أما الفلاح البسيط فيعتمد في التحويض والجلب على (حجنته) مع عائلته ،
وتترافق مع تلك العملية عملية (التفقيح ) وهي إزالة انحشار أو ازدحام الزرع
في الموضع الصغير حتى يفسح لبقية الزرع بالنمو المتكامل ... وقد ارتبطت
هذه العملية بكثير من المهالج .. أبرزها :-
عـــرجة بــواديـــــنــــا - - - - ايجالب
تـأكــل مــــواشـــيــنـا - - - - ايجالب
كلك بلس يا طير ايجالب
و جالب السيل ايجالب

5- الصراب :
الصراب :
وهو إزالة (السبولة) ثمرة الزرع الناضجة من على ساق الزرع ... ولهذا اليوم
عند المزارعين شأن وأي شأن. فهم يعتبرونه
يوم وليمة والغنيمة بحيث يقوم صاحب الأرض باستخدام عمال في حالة كانت أرضه
كبيرة ، أما أن كانت الأرض صغيرة فأنه يحضر أسرته جميعا ويستدعي مجموعة من
الجيران والأقارب. رجالاً ونساء فيلبون الدعوة دون تردد ، فيأتون
للمشاركة منذ الصباح الباكر دون أجر إلا
فيما ندر . لأن بعضهم يعمل تعاوناً. وبعضهم يعمل قضاء يوم بيوم.
ولا يخلو الموقف من المهالج
الجماعية المشعلة للحماس، منها ما يعبر عن الواقع المعاش للرجل أو المرأة
.. ومنها ما ينبذ الخمول والكسل مثل :-

واليوم يا الله ... واليوم دائم
وصربوا الدخن ... والذرة قائم
يا طير ياللي ... بالجو حائم
يا طير كوح ... فوق القوائم
*****
قم وحّد الله
واعبد نائم
يا راقد اليوم كم لك
نائم
ماترقد النوم إلا البهائم
*****
وأذي كسبة وجعنان
ماهيش طاهش الحوبان
****
وعمتي
ليك ... ليك الضرائب
ضربة بقصرة
... بين الجشائب
***
اسقيتني وارويتني الماء
حفظك رب السماء

انت مبدع يا نويهي تسلم الانامل
ما أجمل الصبح
في ريف اليمن حين يطلع ما أبهى وما أصفى هواه
لما يصفق لي إبداع الطبيعة ويلفع لها روائع سناء
أغصان ترقص على نغم النسيم الموزع أن الخمائل شذاه
وأزهار تفتر عن لون الثنايا المشعشع وعن ورود الشفاه
والزرع عبر الحقول أمواج تذهب وترجع زاهي بوابر عطاه
والبن مثل الحلل من سندس اخضر مرصع بالدر زان جناه
بحر العقيق اليماني فوق سندس موزع في كل وادي تراه
وفي الربى الخضر لولا الطل في الضوء يلمع مثل الهوا في نقاه
وفي السهول والسفوح السحر والحسن الأروع وفي الشوامخ ذراه

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الاخ عازف الحروف--
دائماً تختار ماهو اروع من الروعه بحد ذاتها
دمت بخير
و
دامت اليمن سعيدة بك