ما كان حبي ـ أنا الملهوفُ ـ من لهفةْ .
ولا من النظرة الأولى ، ولا صدفةْ .
ولا رأيتكِ عند البئر واقفةً
فهِمْتُ من شدة الإعجاب بالوقفة .
ولا فتحتُ لنور الشمس نافذتي
فجاءني نورك الوضَّاءُ من شُرفة .
ولا رأيتكِ في الأحلام باحثةً
عن فارسٍ شَبَهي ،
تخشى العِدى سيفه .
لكنَّ حبكِ بالتدريج شبَّ معي
وكان لي توأماً ،
مُذ كنتُ في " اللَّفة ".!
وسار بي في دروبٍ ، سِرتُ يا بلدي
من أجل عينيكِ ،
مشدودَ الخطى ، خلفه .
ما قلتُ للحب يوماً : أين تأخذني ؟
ولا متى ؟
أو لماذا الآنَ ؟ أو كيفَ ؟
بل قلتُ طِرْ بي !
وحلِّقْ عالياً واصعد
أعلى فأعلى ، وكُنْ في غاية الخفة .
خذني إلى موجةٍ في البحر تعرفني
كنَّا هناكَ ، وكانت بيننا أُلفة .
خذني لحبة رملٍ كنتُ أوزنها
في كفةٍ ،
وكنوز الأرض في كفة .
إلى " القطاعِ " ، أحيي أهله فرداً
فرداً ، وأهدي تحياتي إلى الضفة .
عامان مرَّا ، وظل الجرح يا بلدي
كما عهدناهُ ، لم يبرأْ ولم يشفَ .
كان العدو عدواً واحداً صرنا
نرى صفوفاً من الأعداء مصطفة .
شنوا على أمة الإسلام حملتهم
وحولهم أمم الكفار ملتفة .
ما أتفه المدَّعي أن الذي يجري
حربٌ على بؤر الإرهابِ ما أتفه .!
عامان مرَّا ، ومازال الحصار على
أشدهِ ، ودمُ الأطفال ما جفَّ .
في كل يومٍ ، وعين الكون ترقبنا
كنا نموت ويلقى شعبنا حتفه .
كنا وحيدينَ ، نسألُ : أين إخوتُنا
في الدينِ والعرقِ ،
هل حلت بهم رجفة .؟!
أين السلاحُ اختفى ؟
أم هل غدا أثراً
للباحثين عن الآثار ، أم تحفة .؟!
أين الذين أتوا كالفاتحين لنا
واستقبلتهم ألوف الناس بالزفة .؟!
أين المجانينُ ، و" المجنون " يقصفنا
ولا نرى عاقلاً مستنكراً قصفه ؟!
صرنا نموتُ ،
وما من قائلٍ : " يكفى " !
يا عالَماً لم تعد في قلبه رأفة .!!
لن ينزعوا الحب من أعماقنا حتى
لو حاصرونا ، طوال العمر في غرفة .
وإن غدا القتلُ ، يا شعبي ، هوايتَهم
فطردُكَ المعتدي من أرضنا حرفة .!
هذي سفينتنا في البحر ماخرةٌ ،
فيا " حماسُ " تعالي !
أمسكي الدفة .!
لكِ الحزامُ ،
وإن ظل الكلامُ لهم
فلتنسفيه بهم ،
واستعجلي نسفه .؟!