دليل ارتباط روحي بين الإنسان والأرض
تزخر مديرية أحور بمحافظة أبين بموروث ثقافي عريق شأنها في ذلك شأن أكثر المناطق اليمنية لاسيما الريفية منها ..
وبما أن الإنسان عبارة عن جسد وروح فإن الجسد يكل ويصيبه الإجهاد والتعب ليأتي دور الروح كي تعبر عما يجيش في مكنوناتها من عواطف وأحاسيس لعلها تخفف بعضاً من المعاناة وفي مديرية أحور يترنم العمل في مختلف مجالات الحياة: زراعة، صيد أسماك، نجارة .. الخ وتعد المهاجل الزراعية من اشهر أنواع الأدب الشعبي في أحور لإرتباط سكانها بالزراعة. والمهاجل جمع مهجل وهو الترنيمة والأهزوجة قد يكون بعضها مكوناً من بيت واحد أوعدة أبيات وهي عبارة عن أناشيد تحرك العامل وتجعله يؤدي عمله بهمة ونشاط ويختلف نوع المهجل بإختلاف نوع العمل فهناك مهجل للحراثة وآخر للحصاد ومنها ماهو صباحي او مسائي وهكذا. ومن أمثلة ذلك هذا المهجل الذي يردد في الصباح عند التبكير الى العمل:
يااللـــــــه اليوم للشر كــــــا في يسهل الــرزق من غير شده
رزقنــا في خريط المسابــــــــح والقبيــــلي ببنـــــدق وعده
فهم هنا يدعون ربهم ليجنبهم الشر ويسهل الرزق ويشيرون بحكمة بالغة إلى ان الرزق يأتي ميسراً بالذكر والتسبيح وليس بالقوة.
ومن المهاجل المسائية التي تقال قبيل غروب الشمس وحينها يكون الفلاحون قد أجهدهم التعب:
الا ياشمس غيبي بالقي لش عصيده عصيده بر و لا ذره بيضا جديدة
فالعمال هنا يغرون الشمس ان هي اسرعت بالغروب بالأكلة المفضلة لديهم وهي العصيدة.
ومن مهاجل التهكم من الكسالى وأقرانهم:
الا ياشيبه انا حنبنا جوف لــودان من ظلي منور عشية جـــاك حـردان
لودأن جمع ودن وهو الأرض الزراعية والغرض من البيت هو السخرية من الكسالى الذين يقضون يومهم في الراحة والنوم ثم يأتون قبيل انتهاء العمل (عشية) أي وقت الأصيل إلى الأرض ولا يملكون الا النقد والتجريح (حردان أي غضبان) وفي موضع آخر عند اشتداد الحر وضغط العمل نراهم يواسي بعضهم بعضاً ويتواصون بالتحمل والجلد والصبر:
ياعلي قل لبوك التعـــــب منسي
وين بايظلي وين بـــايمسي
وللسياسة نصيب عند الفلاحين وهذا احد مهاجلهم يشير الى قيام الثورة والأيدي الخفية التي تحاول إعاقة تقدمها:
يامزاحم شع الموسـم دهــــــف أرضنـــــا جا لهـــــا شلالها
جاب (ناصر الجيوش القاهرة وقل للاعداء يرفعوا منها
ماتفيدك سحاحير الذهـــــــــــب جـــــابوها وجاك بن خالها
شعب واحــــد وجبهــة واحــــــدة والبقـر ثائــــــــرة وابتالها
والمقصود بناصر الزعيم العربي جمال عبدالنار وسحاحير جمع سحارة وهي الصندوق المعد لحفظ النقود والمتاع وفي ختام المهجل إشارة الى واحدية الثورة اليمنية.
وإذا ما تركنا السياسة قليلاً نجد أن الفلاحين قد طرقوا في مهاجلهم مجالات اخرى كشعر الحكمة ومنه هذا البيت الذي نختم به موضوعنا:
من قال مالي مامعه ولا مـــال والمــــال والله في ركــــون لــــودان