فشل نظامنا الأمني والتربوي..!! ( زيد الشامي)
20/10/2010 - الصحوة نت – خاص:
نشعر بالحزن والألم والحسرة كلما طالعنا (المصدر الأمني المسئول) بإعلان أسماء وصور متهمين بالتفجيرات والأحداث الأمنية، لأننا حين نتأمل تلك الوجوه نلحظ أنهم مازالوا في مقتبل العمر، وبعضهم لم يتجاوز السابعة عشر من عمره، فكيف؟ وأين؟ ومتى تشبعوا بتلك الروح التي تجعلهم يفضلون الموت على الحياة، ولا يكترثون للتضحية بأنفسهم وبابرياء كثر: أطفالاً .. ونساءً .. وشيوخاً .. ومعاقين تصادف وجودهم في مكان الحدث لا ناقة لهم ولا جمل في السلطة ولا علاقة لهم بالشرق ولا بالغرب!!
ومع أن مثل تلك الوقائع مازال يكتنفها الغموض، وأحياناً الريبة والشك بالنظر إلى السمعة السيئة التي اكتسبتها أجهزة الأمن والاستخبارات في العالم الثالث التي تعمل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ولاسيما أن المخرج لا يحسن الوصول إلى نهاية منطقية لكل حدث!!
ومهما كان الأمر، فإن تتابع الأحداث، وتصاعد التفجيرات، وعجز أجهزة الأمن على كثرتها وتعددها والأموال الطائلة المرصودة لها – عن السيطرة عليها يؤكد أن خللاً كبيراً قد أصاب نظامنا الأمني، وكذا نظامنا التربوي (التعليمي، الإعلامي – التوجيهي – التثقيفي)، وإلا كيف سدت الأبواب في وجوه بعض الشباب، فلم يجدوا غير الموت منفذاً يحقق أهدافهم، ويعبر عن آرائهم ويثبث وجودهم؟!
ولو أن الإجراءات الأمنية المتصاعدة قد أنهت الظاهرة، أو حدّت منها لشعرنا بالاطمئنان، ولكفينا مؤونة الكلام، لكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، فقط نحن المواطنين المسالمين –نتعرض للتوقيف والتفتيش، ليس في مداخل المدن؛ بل في شوارع العاصمة، وياويل من نسي بطاقته الشخصية في بيته، وكأننا ننتقل من دولة إلى أخرى، وليس من شارع إلى شارع، ومن حي إلى آخر، إنها صورة معبرة عن الاضطراب والاختلال والفشل في نظامنا الأمني الذي أفقدنا الأمان، وأشاع في مدننا الخوف، وعزز من ذهاب هيبة الدولة رغم الهنجمة التي يبديها بعض الضباط والجنود المغلوبين على أمرهم.
إن أولئك الشباب الذين تظهرهم وسائل الإعلام كإرهابيين، كان المفترض أن يكونوا في مؤسسات التعليم الثانوي والجامعي، وأن نراهم في النوادي الرياضية والمكتبات العامة والمراكز الثقافية وحلقات العلم والحدائق العامة، وفي المدرس وفي الورش والمصانع ، وأن ينعموا بالسعادة، ويحققوا ذواتهم من خلال المنابر الحرة التي يعبرون فيها عن آرائهم، وأن يجدوا المحاضن التي يناقشون فيها الفكر في وضح النهار بعيداً عن فرض الرأي بالقوة والعنف أو عن طريق القتل والتدمير، لأن إقامة الحياة على منهج الله يحتاج إلى صبر ومصابرة، وجلد ومغالبة، وتعود على التعامل مع الآخر والتعايش مع من تختلف معه، فالحياة في سبيل الله ربما كانت أصعب من الموت في سبيله، (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
لكن نظامنا التعليمي ابتعد عن أهدافه، وانشغل بغير ما أنشئ لأجله، فأهداف التعليم الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية صارت آخر ما يفكر فيه القائمون على المؤسسات التربوية، ولكم أن تسألوا أي مدير مدرسة، مدير تربية، أو رئيس جامعة ما الأهداف التي يريدها من التعليم، لن تجدوا –في الغالب الأعم- سوى الاهتمام بتوفير لوازم الدراسة، وجمع الرسوم، وزيادة موارد التعليم الموازي في الجامعات، ثم الانشغال بإخراج الطلاب والطالبات في مسيرات أو مظاهرات واحتفالات سياسية، وعند الانتخابات يسوقون الطلاب صغاراً وكباراً إلى المراكز الانتخابية ليعبروا عن إرادة غيرهم، وليقولوا ما لا يعتقدونه..!!
غابت التربية الهادفة المتوازنة التي تهتم بإعداد الإنسان الصالح، وليس مجرد المواطن الصالح، بحيث ينشأ الجيل على حب وطنه وأهله، وحب الإنسانية كلها، ويترسخ في قلبه الإيمان بالله واليوم الآخر، ويعلم أن بناء الأرض وعمارتها هي الهدف من استخلافه في الدنيا.
وحتى التعددية السياسية يتم تعبئة الشباب على أنها رجس يجب الابتعاد عنه، وأنه لابد أن ينضوي الجميع تحت ما يسمونه حزب الأحزاب (الحزب الحاكم) فينشأ الشباب على الضغائن والأحقاد وكراهية الآخر وطمس وجوده، وتلك نتيجة التجاهل والإقصاء.
لعل الإخوة في المؤتمر الشعبي العام يدركون أن جميع الشباب الذين يعرضون صورهم اليوم ليسوا سوى نتاج نظامهم السياسي والتعليمي والتثقيفي منذ أن عمدوا على إقصاء الآخرين، واستبعدوا الكفاءات التربوية والإعلامية من مواقع التوجيه والقرار، وأحلوا بدلاً عنهم -منذ أكثر من خمسة عشرة سنة- من أنتج هذا الواقع المأساوي!!
ترى هل يكفي تجارب حتى الآن؟ هل آن الأوان لتغيير تلك السياسات الهوجاء؟ وهل يؤمنون أن الوطن لا ينهض به إلا جميع أبنائه؟ أم لابد من إعادة التجارب لحقب زمنية جديدة، وقالوا من جرب المجرب فعقله مُخَرّب، فأين من يعترف بالخطأ ويواجه حقيقة فشل نظامنا الأمني والتربوي؟ حينها يمكن أن تبدأ المراجعة والإصلاح ونضع أقدامنا على الطريق الصحيح.