إمارة الشعر ذهبت إلى اليمن.. و«زفة» للجخ بعد حصوله على مركز الوصيف
عبـدالعزيـز الزراعـي «أميــر الشـعراء»
المصدر: إيناس محيسن - أبوظبيالتاريخ: 25 فبراير 2011
الشاعر المصري هشام الجخ . من المصدر
توّج الشاعر اليمني عبدالعزيز الزراعي أميراً للشعر لعام ،2011 بعد فوزه، أول من أمس، بالمركز الأول في الدورة الرابعة من مسابقة «أمير الشعراء»، وهي المرة الأولى التي تفوز فيها اليمن باللقب الذي حصدته الإمارات في الموسم الأول، ثم موريتانيا في الموسم الثاني، وسورية في الموسم الماضي، وبهذا الفوز حصل الزراعي على الجائزة الأولى للمسابقة وقيمتها مليون درهم إماراتي، إضافة إلى بردة الشعر والخاتم الذي يرمز للقب الإمارة، اللذين تسلمهما من الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس مؤسسة أمناء زايد للأعمال الإنسانية والخيرية، الذي قام بتتويج الفائزين في المسابقة، بحضور مستشار شؤون الثقافة والتراث في ديوان سمو ولي عهد أبوظبي، مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، محمد خلف المزروعي، ومدير أكاديمية الشعر، سلطان العميمي، وأمير الشعراء في الدورة الثالثة الشاعر حسن بعيتي، الذي جاء ليسلّم بردة الإمارة وخاتمها إلى الشاعر الفائز في هذا الموسم.
أوبريت غنائي
تضمنت الحلقة أوبريتاً غنائياً يجمع بين العربية الفصحية والشعر المحكي، من كلمات الشاعر الإماراتي كريم معتوق أمير شعراء الدورة الأولى من البرنامج، ومن ألحان الملحن الكويتي عبدالله القعود، وشارك فيه الفنانين صابر الرباعي وأصالة نصري وسلطان أبوسعود، بمرافقة فرقة أورنينا السورية للرقص التعبيري، بينما قام معتوق بإلقاء مقاطع شعرية بين اللوحات الغنائية في الأوبريت، بينما جمعت فقرة المجاراة في الحلقة بين كل من الشاعر الموريتاني محمد سيدي ولد بمبا حامل لقب أمير الشعراء في الدورة الثانية والشاعر الإماراتي ماجد الخاطري.
أما الشاعر المصري هشام الجخ الذي حظي بجماهيرية كبيرة خلال مشاركته في المسابقة، فقد حل بالمركز الثاني، و500 ألف درهم، إماراتي وميدالية فضية، وفاز الشاعر العماني منتظر الموسوي بالمركز الثالث وجائزة مالية قيمتها 300 ألف درهم إماراتي وميدالية برونزية، وحصل صاحب المركز الرابع الشاعر العراقي نجاح العرسان على جائزة 200 ألف درهم إماراتي وميدالية برونزية، وجاء الشاعر الأردني محمد حجازي في المركز الخامس بجائزة قيمتها 100 ألف درهم إماراتي وميدالية برونزية.
بكاء وهتافات
وجاءت نتائج المسابقة مفاجأة لجمهور هشام الجخ، الذي شكل أغلبية الحضور في مسرح شاطئ الراحة، الذي حرص على مساندة شاعره خلال المراحل السابقة، وحمل كثير من الجمهور لافتات مؤيدة للجخ، استوحى بعضها من أجواء الثورة المصرية، وما تردد فيها من هتافات، مثل «الشعب يريد هشام الأمير»، وعقب إعلان حصول الشاعر على المركز الثاني، انخرطت بعض الفتيات من جمهوره في البكاء، لتتعالى بعدها هتافات باسم هشام في أرجاء المسرح، وعلى الرغم من عدم حصوله على لقب «أمير الشعراء»، إلا أن جمهور الشاعر هشام الجخ حرص على أن يخرج به من شاطئ الراحة بمصاحبة «زفة بالمزمار والطبل البلدي» عقب انتهاء الحلقة.
نتائج
جاءت النتائج النهائية (لجنة التحكيم + تصويت الجمهور) كالتالي:
1ـ عبدالعزيز الزراعي 63٪.
2ـ هشام الجخ 58٪.
3ـ منتظر الموسوي 55٪.
4ـ نجاح العرسان 53٪.
5ـ محمد تركي حجازي 49٪.
وشهدت بداية الحلقة خروج الشاعر الأردني محمد العزام، لتنحصر المنافسة النهائية بين خمسة شعراء هم: محمد تركي حجازي من الأردن، ومنتظر الموسوي من سلطنة عمان، وعبدالعزيز الزراعي من اليمن، ونجاح العرسان من العراق، وهشام الجخ من مصر، الذين قدموا قصائدهم وفق المعايير التي وضعتها لجنة تحكيم المسابقة في الأسبوع الماضي، ودعت فيها المتأهلين إلى تقديم قصيدة يراوح عدد أبياتها بين تسعة و12 بيتاً، موضوعها الحوار والتسامح والتواصل ونبذ التعصب وأهمية الوسطية، وبناء على تقييم اللجنة لهذه القصائد، تمنح للمتسابقين النسبة المخصصة لها، وهي 30٪، تضاف إلى النسبة 40٪ التي يحصل عليها كل شاعر من خلال تصويت الجمهور الذي استمر أسبوعاً كاملاً.
«عشبة» و«رسالة»
جاءت قصيدة الشاعر عبدالعزيز الزراعي، بعنوان «عشبة تحاور الرمل»، وأشار د. علي بن تميم في تعقيبه عليها إلى أن «عبدالعزيز في مجمل قصائده التي قدمها خلال الموسم يتحيز للكلاسيكيين الجدد أمثال الجواهري، وإيليا أبوماضي، والبردوني، فيأخذ منهم الأناقة الشعرية، والحرص على الصنعة، وهذا واضح في مجمل ما قدم الزراعي من قصائد، أما في تلك القصيدة فهناك حضور خفي لقصيدة إيليا أبوماضي «التينة الحمقاء»، حيث يوجد تشابه على مستوى التنامي، وعلى مستوى النهاية أيضاً، لكن هناك عدم وضوح في الأدوار».
هشام الجخ حرص على دعوة الحضور في المسرح للوقوف دقيقة حداداً على شهداء الثورة الليبية، وهو ما استجاب له الجمهور ولجنة التحكيم، قبل أن يقدم قصيدة حملت عنوان «الرسالة الأخيرة»، تحدث فيها على ثورة 25 يناير، وما أحدثته من تغيير، وفي تعليقه عليها قال بن تميم «حين يشارف الإنسان على الموت، يكتب وصية، وتلك هي الرسالة الأخيرة،أما الشاعر فيجب أن يستمر في رسائله، ولا يدعي أن هناك رسالة أخيرة، ثم عليك التمسك باللغة العربية الفصحية بعد أن سادت العجمى، فالعربية لغة تستحق أن نرفع أصواتنا بها، لأنها لغة عظيمة، كما أرجو منك كونك شاعراً تكتب الشعر الشعبي، ألا تتنكر للفصحى أبداً، فهناك من يحبها ويعشقها، وقيمة قصيدتك في وثائقيتها، فالشعر يرصد الواقع بلغة الناس البسيطة، لهذا أنت تدرأ المجاز عن لغتك لتحكي بوضوحِ المؤرخ».
وبعد أن قدم الشاعر منتظر الموسوي قصيدته «من حديث النفس/ زهير بن أبي سلمى في حديث مع نفسه»، وقد قال له د.صلاح فضل «أجريت حواراً على لسان زهير تقصده أنت، فلو بعُث زهير كي يحدث نفسه فلا يمكن أن يخلِص كل قصيدته للفخر ولمدح الذات، وقد يبدأ كما قلت لكنه سيكف بعد ذلك على الفور، وسيبدو مفجوعاً لضياع الحلم الذي دعا إليه في المحبة والسلام بين البشر».
بينما أشار عبدالملك مرتاض إلى ميل الشاعر خلال هذه المسابقة إلى استخدام اللغة الدينية، بحيث يوظف اللغة الدينية لشعرية راقية جداً، وقد وفق في هذا السلوك الجمالي.
الشاعر عبد العزيز الزراعي ينقل إمارة الشعر من سورية إلى اليمن من المصدر
«دعوة» و«نوايا»
في تعليقه على قصيدة الشاعر نجاح العرسان «نوايا الشمع»، قال د.صلاح فضل «أنت شاعر مدهش ابتداء من العنوان، إذ جعلت للشمع نوايا». وأشاد بن تميم بالعنوان، وبشفافية القصيدة، وما تتمتع به من شعرية متقنة، ومناخ مضطرب بين إعلاء فكرة التسامح، وبنية عميقة غاضبة. وختم د.عبدالملك مرتاض بالقول «في الأسبوع الماضي جئت بعنوان مباشر، وفي هذا الأسبوع جئت بعنوان شعري بديع جميل مكثف، وأعتقد أنك شاعر ذكي جداً، إذ استطعت أن تزاوج بين التاريخ والجغرافيا والإنسان، وذكاؤك يأتي من توظيفك قيمة عظيمة، فجعلتها رمزاً للتسامح، إذ كان الشيخ زايد رمزاً للحكمة وللوسطية وللتسامح».
الشاعر محمد تركي حجازي قدم قصيدة «دعوة للنقاء»، أشاد فضل بنبرتها الهادئة الجميلة، وما تتضمنه من الإبهام الشعري الذي يجعل كل قارئ شاعراً، أوقال بن تميم «تتميز مشاركات حجازي بالتذبذب، فتارة تعلو وتارة تهبط في بنيتها، وإن كنت تريد الصفاء في عنوانك «دعوة للنقاء»، فإنها دعوة لا تتفق مع الشارع، حيث إن المجتمعات تقوم على التهجين وعلى الامتزاج وعلى التنوع، وبالتالي، فإن هذا النقاء بمفهوم الصفاء لا يوجد إلا في الجنة، وقد متحت القصيدة من تراكيب ومن إيقاع قصيدة للمتنبي:
لكل امرئ من دهره ما تعودا
وعادة سيف الدولة الطعن بالعدا
وقامت القصيدة على أجواء تشبه أجواء الرومانسيين، وربما تذكر بقصيدة «الطين» للشاعر إيليا أبوماضي، وتقول أيضاً بيتاً للشاعر القديم أمية بن السلط :
إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي وكل العالمين أقاربي.
د.عبدالملك مرتاض أشار برأيه إلى العنوان الذي اعتبره مباشراً جداً، فالشعر ـ كما قال ـ ليس مباشرة ووعظاً، غير أن من حسن الحظ أن النص كان جميلاً، وغير مباشر، وكانت فيه صورة جميلة وبديعة.