رمضان له طعم خاص ، بالحديث عنه تجلو القلوب من الأدران ، وتصفو النفوس من الأضغان .
قلوب الصالحين إليه تحِنّ ومن ألم فراقه تئن ، ولأيامه تهفو ومن البعد عنه تشكو .
رمضان في قلبي هماهمُ نشوةٍ مِن قبل رؤية وجهك الوضاءِ
وعلى فمي طعمٌ أُحسُّ بأنه من طعم تلك الجنة الخضراء
قالوا بأنك قادم فتهللتْ بالبِشر أوجهنا وبالخيلاء
تهفوا إليه وفي القلوب وفي النهى شوقٌ لمَقدَمِه وحسنُ رجاء
كم من هرِم عاجز يتمنى أن يصومه ويقومه وكم من مريض يذوب كمداً وحسرة أن لو كان صحيحاً قوياً حتى يُظمِئَ نهاره ويقوم ليله،كم من ميت أُهيل عليه التراب وأُسكن اللحد يتمنى أن تعاد إليه روحه ليصوم رمضان .
كم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حياً فما أقرب القاصي من الداني
رمضان شهر خصه الله بخصائص كثيرة وميزه على غيره من الشهور تعظيماً لشانه وبياناً لفضله .
ـ فيه أُنزل القرآن { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } .
ـ فيه ليلة هي خير من ألف شهر{ ليلة القدر خير من ألف شهر}.
ـ شهر التوبة والغفران والصلاح والإيمان والصدقة والإحسان .
ـ فيه تزين الجنان ويُصفَّد الشيطان . قال صلى الله عليه و سلم :" إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين ". رواه عبد الرزاق في المصنف وهو صحيح . وفي رواية الترمذي ": وينادي مناد يا باغي الخير هلم وأقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان".
ـ فيه تتنزل الرحمات وتتضاعف الحسنات ، كله خير وأفضال وفرصة للتنافس بصالح الأقوال والأعمال .
ـ الأيام الخالدات والفتوحات الباهرات والصور المشرقات من تاريخ الأمة بل وتاريخ البشرية سجلت في هذا الشهر :
أ ـ أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة منه ، وأنزلت التوراة لستٍ مضين منه ، وأنزلت الإنجيل لثلاث عشرة منه ، وأنزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في غراء حراء لأربع وعشرين خلت منه .
ب ـ وفيه أرسل النبي صلى الله عليه و سلم أول سرية في الإسلام وعقد أول لواء .
ج ـ فيه ذل الشرك وأهله وعز الإسلام وأهله يوم التقى الجمعان جمع الرحمن وحزب الشيطان في بدر الكبرى فرجح ميزان الإيمان وهزم الطغيان.
د ـ فيه فتحت مكة بالإسلام وتهاوت الأصنام وارتفعت الأعلام ، وطهرت من دنس الشرك ودياجير الظلام .
هـ فيه فرضت الزكاة وأُمر بالجهاد .
و ـ فيه المعارك ذات الشأن التي غيرت مسار الأمة وكان لها أكبر الأثر في تاريخها: معركة القادسية ومعركة البويب ومعركة الفراض وفتح بيت المقدس ومصر وجزيرة رودس والمغرب الأوسط.
ز ـ وفيه بدأ فتح الأندلس وبلاد السند وفتح عمورية وأنطاكية .
ـ كان السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان يهتمون بهذا الشهر أعظم اهتمام ويولونه عناية كبيرة ويفرحون يقدومه ، كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم ، ولسان حالهم يقول :
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام يا حبيباً زارنا في كل عام
قد لقيناك بحب مفعم كل حب في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم ربي صومنا ثم زدنا من عطاياك الجسام
لا تعاقبنا فقد عاقَبَنا قلقٌ أسهَرَنا جُنْحَ الظلام
صاموا أيامه وحفظوا صيامهم عما يبطله أو ينقصه ، وأحيوا لياليه بالقيام وتلاوة القرآن ، تعاهدوا الفقراء بالصدقة والإحسان وأطعموا الطعام وفطروا الصُّوَّام ، لم يعرفوا الخمول والكسل والنوم والخور وإضاعة الأوقات .
* فئام من الناس خسروا رمضان فأضاعوا الثواب وحرموا الأجر وباؤوا بالبعد بدل القرب { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً } .
من فاته الزرع في وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته في شهره وبحبل الله متعصما
قال أنس رضي الله عنه قال : رقى رسول الله صلى الله عليه و سلم المنبر فارتقى درجة ثم قال:" آمين "، ثم ارتقى درجة أخرى ثم قال : " آمين " ، ثم ارتقى درجة أخرى ثم قال : " آمين " ، ثم استوى فجلس ، فقال أصحابه : على ما أمنت يا رسول الله ؟ قال : " أتاني جبريل فقال لي : رَغِم أنف رجل ذُكرتَ عنده فلم يُصَلِّ عليك ، قال : فقلت آمين ، ثم قال : رغم أنف رجل أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخل الجنة ، فقلت آمين، قال : رغم أنف رجل أدرك رمضان فلم يغفر له ، فقلت آمين " . رواه البزار وهو صحيح .
أسباب التفريط برمضان :
1 ـ ترك الصيام الواجب الذي فرضه الله على الأمم كلها وعلينا نحن آخر أمة { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } .
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام ، قال صلى الله عليه و سلم ": بني الإسلام على خمس : أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ". رواه مسلم .
من لم يصمه تكاسلاً فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ومن جحد وجوبه فقد كفر بما أنزل على قلب محمد صلى الله عليه و سلم لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة .
الصوم عبادة أضافها الله إلى نفسه إضافة تشريف لأنه لا يدخلها رياء ولا سمعة لخفائها . ولأن الصوم عن الطعام والشراب عبادة لا يتقرب بها لأحد من المخلوقات كائناً من كان .
أخفى الله ثوابها ترغيباً بها وتشويقاً للنفوس إليها . قال تعالى في الحديث القدسي ": كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ". رواه مسلم .وقال صلى الله عليه و سلم ": من صام رمضان إيماناً ـ أي بوجوبه ـ واحتساباً ـ أي للأجر عند الله ـ غفر له ما تقدم من ذنبه ". متفق عليه . وقال صلى الله عليه و سلم :" إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم يقال : أين الصائمون فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد ".متفق عليه . وقال صلى الله عليه و سلم ": رمضان إلى رمضان مكفرات لما بين بينهن إذا اجتنبت الكبائر ". رواه مسلم .
ما أنت إلا رحمة علوية خصَّ الإله بها الورى ترفُّقا
رمضان يا عرس الهداية مرحباً يا نبع الخير في الوجود تدفَّقا
فكم هي عظيمة خسارة المفطرين في هذا الشهر المبارك ، وكم هي كبيرة حسرتهم ، يوم أن فوتوا على أنفسهم هذه الأجور العظيمة والفرص الثمينة والموسم الذي قد لا يعود إليهم مرة ثانية . { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم يوم القيامة } .
بل وخسروا الفوائد الصحية والسلامة البدنية المترتبة على الصيام من صحة الأجسام وسلامة الأذهان وحماية الجسد من الأمراض الباطنية واضطرابات الأمعاء المزمنة وزيادة الوزن الناشئة من التخمة وقلة الحركة وزيادة الضغط الذاتي الذي يسببه الترف والإنفعالات النفسية والتهاب الكلى وأمراض القلب المصحوبة بتورُّم والتهاب المفاصل المزمنة وغير ذلك من الأمراض التي قد تظهر ويكون علاجها في الصوم.
رمضان أقبل يا أولي الألباب فاستقبِلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
وتهيؤوا لتصبر ومشقة فأجور من صبر بغير حساب
2 ـ التهاون بالصلاة :
ما صام من ترك الصلاة . لأن الصلاة عمود الدين من أقامها أقام الدين ومن تركها هدم الدين . قال صلى الله عليه و سلم ": رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ".
إنها أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة . قال صلى الله عليه و سلم ": إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انقص من فريضته شيئاً قال الرب تبارك وتعالى : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك ". رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني رحمه الهت.
والصلاة أكبر عون للمسلم على مصالح دنياه وآخرته قال تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } .
بمداومة العبد عليها تقوى رغبته في الخير وتسهل عليه الطاعات وتهون عليه المشاق وتسهل عليه المصائب وييسر الله له أموره ويبارك في أعماله وماله .
فما أعظم خسارة من ترك الصلاة فلم يصلها . وما أشد ندمه يوم أن يقف بين يدي ربه تبارك وتعالى { يوم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } .
بل إن شؤم ترك الصلاة يلاحقهم في أمور معيشتهم وفي حياتهم اليومية فيصيبهم الضنك وضيق الصدر وتلازمهم الهموم والغموم { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً ، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } فالجزاء من جنس العمل ومثلما تدين تدان .
من لم يحرص على أداء الفرئض ولم يقم بالواجبات ، فكيف يرجى منه النوافل ، بل كيف يرجى منه استغلال رمضان .
فريق من المسلمين فرطوا وتهاونوا بصلاة القيام في رمضان ، لم يصلوها ولم بعبأوا بها ، بل لم يدونوها في مفكرتهم اليومية أصلاً .
ما أفدح خسارة هؤلاء ، قال النبي صلى الله عليه و سلم ": من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ". متفق عليه .
فوتوا على أنفسهم فرصة تغفر بها ذنوبهم وتمحى سيئاتهم من صحائفهم ، فما أعظم خسارتهم .
بعض الخاسرين لا يصلي التراويح مع الإمام ففوت على نفسه أجراً عظيماً . قال صلى الله عليه و سلم ": إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى بنصرف كتب له قيام ليلة ". رواه أحمد وصححه الألباني رحمه الله
وبعض الناس يصلي التراويح ويقوم مع الإمام حتى ينتهي من الصلاة .
ولكن ماذا بعد الصلاة :
السهر على القنوات والأفلام والمسلسلات .
وسماع الغناء ومشاهدة السافلات والساقطات والمغنين والمغنيات .
أو إضاعة الأوقات بالتفحيط والجلوس على الأرصفة والطرقات .
وكأنما لم تطرق مسامعه آيات القرآن ولم يسمع نداء الرحمن { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }.
ومنهم من يسهر مع الأحبة والأصدقاء حتى وقت السحور ثم ينام وربما فاتته صلاة الفجر مع الجماعة وربما صلاها بعد الشروق .
السهر بعد العشاء مكروه حتى وإن كان على أمر مباح ، فكيف بمن يسهرون على حرام فتمضي الساعات بالقيل والقال والغيبة والكذب والمزاح .
إن لم يكن هؤلاء هم الخاسرون والمحرومون لأجر القيام وثواب الصلاة فمن هم إذاً ؟ .
3 ـ عدم حفظ الصيام وصيانته عما يبطله وينقصه، ولذلك صور عديدة منها :
أ ـ يفطر على المعصية ، فيجلس بعد العصر والعشاء أمام التلفاز والقنوات والإنترنت يقلب الأفلام والمسلسلات والصور الخليعة والمشاهد الماجنة ، حتى تغرب الشمس.
وبعد المغرب يقضي وقته بمشاهدة المشاهد الساخرة والمواقف الضاحكة والفوازير التي ينسبونها إلى رمضان زوراً وبهتاناً ورمضان منها براء ، فيقولون فوازير رمضان ، يسمونها بغير اسمها .
ب ـ الغيبة : ما صام من أكل من لحوم الناس ونهش من أعراضهم . وما صام من سلط لسانه كالسكين على المسلمين فهتك محارمهم ونشر الرذيلة بينهم . وما صام من أطلق لسانه بالقيل والقال وقذف الأبرياء وشوَّه سمعة الأتقياء .قال تعالى { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه } وقال صلى الله عليه و سلم :" أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله اعلم . قال ": ذكرك أخاك بما يكره ، قال أحدهم : أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال :" إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته ". رواه مسلم. وقال صلى الله عليه و سلم ": إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه ".
إن صمتَ عن مأكل العادي ومشربَه فلا تحاول على الأعراض إفطارا
يغدُ على كسب دينار أخو عمل لو يوزن إثم فيه كان قنطارا
ومن الغيبة تقليد الأشخاص ومحاكاة أفعالهم وهيئاتهم وحركاتهم على وجه التنقص والاستهتار ، وتكون بالتعريض وبالكناية والحركة والرمز والإشارة وكل ما يفهم المقصود منه فهو غيبة .
وهذه عادة قبيحة تقطع الصلات بين الناس وتثير الأحقاد وتشتت الشمل ومضيعة للوقت .
شر الورى من بعيب الناس مشتغلاً مثل الذباب يراعي موضع العلل
الأولى للمسلم أن يشتغل بعيوب نفسه ويجتهد في إصلاحها وتهذيبها .
قيل للربيع بن الخثيم : ما نراك تعيب أحداً ولا تذمه فقال ما أنا على نفسي براضٍ فأتفرغ من عيبها إلى غيرها .
إذا ما ذكرت الناس فاترك عيوبهم فلا عيب إلا دون ما منك منكر
فإن عبت قوماً بالذي هو فيهم فذلك عند الله والناس منكر.
ج ـ الكذب : كبيرة من أكبر الكبائر ورذيلة من أرذل الرذائل ينبىء عن تغلغل الفساد في النفس .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله من الكذب ، ولقد كان الرجل يكذب عند رسول الله صلى الله عليه و سلم الكذبة فما يزال في نفسه عليه حتى يعلم أنه أحدث توبة . رواه أحمد .
قال النبي صلى الله عليه و سلم ": 000 وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ". متفق عليه .
عليك بالصدق ولو أنه أحرقك الصدق بنار الوعيد
واطلب رضى المولى فأشقى الورى من أسخط المولى وأرضى العبيد
قال صلى الله عليه و سلم ": أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابكِ على خطيئتك".
د ـ اللعن والسباب والشتم قال صلى الله عليه و سلم ": ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا الفاحش ولا البذيء ".
يدعون أن صدورهم ضاقت ، وأخلاقهم ساءت بسبب الصيام فيكيلون لمن أغضبهم أو استفزهم السب والشتم وربما لعنوه ، فحرموا بذلك أجر صيامهم وفاتهم ثوابه .
قال صلى الله عليه و سلم ": رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش".
4 ـ هجر القرآن :
القرآن كلام الله المنزل ووحيه المعجز سيد الكتب السماوية وناسخها والمهيمن عليها .
أتى على سفر التوراة فانهزمت فلم يفدها زمن السبق والقدم
ولم تقم معه للإنجيل قائمة كأنه الطيف زار الجفن في الحلم
كتاب يخاطب النفس فتخشع والقلب فيخضع والأذن فتسمع والعين فتدمع .
له حلاوة وعليه طلاوة ، لا يشبع منه العلماء ولا يروى منه الحكماء أفحم الخطباء وأخرس الفصحاء وأدهش الأذكياء { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } .
رمضان شهر القرآن ، فيه أنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه و سلم { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} .
يتأكد على المسلم تلاوته في كل وقت وبخاصة في رمضان .
تلاوته من أفضل العبادات وأعظم القربات وأجل الطاعات .
فيها أجر عظيم وثواب جسيم من المولى الكريم ، قال صلى الله عليه و سلم ": خيركم من تعلم القرآن وعلمه ". متفق عليه .
لقارئه بكل حرف عشر حسنات ، قال صلى الله عليه و سلم ": من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ". رواه الترمذي .
كتاب تنوء الجبال عن حمله وتندك لعظمته { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله } .
ومع هذا فالخاسرين قلوبهم لا تخشع ولتلاوته لا تسمع ومن زواجره أعينهم لا تدمع ، { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها }.
يُرفع قارئه درجة بكل آية ، قال صلى الله عليه و سلم :" يقال لقارىء القرآن إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ". رواه أبو داوود والترمذي .
بل يرفع الله أهله في الدنيا بل الآخرة ، قال صلى الله عليه و سلم ": إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ". رواه مسلم .
كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه و سلم القرآن في رمضان ، ودارسه إياه في العام الذي مات فيه مرتين .
وكان عثمان رضي الله عنه يختم في كل يوم مرة .
كان للشافعي ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة .
اهتم السلف بهذا الكتاب في رمضان اهتماماً كبيراً فكانوا يتدارسونه آناء الليل وأطراف النهار . وكانوا يتوقفون عن تعليم العلم ونشره ويعكفون على كتاب الله تعالى ، فكان الإمام مالك إذا أقبل رمضان توقف عن الحديث وتفرغ لتلاوة القرآن طيلة الشهر ويقول هذا شهر القرآن الكريم .
وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويتفرغ للقرآن ، وكان سفيان الثوري إذا اقبل رمضان تفرغ لقراءة القرآن .
الخاسر هو من يهجر القرآن في هذا الشهر . {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} .
والهجر أنواع :
ـ أحدها : هجر تلاوته وقراءته .
ـ الثاني : هجر الإستماع إليه والإصغاء إليه .
ـ الثالث : هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه ، وإن آمن به وقرأه .
ـ الرابع : هجر تدبره وتفهمه .
وليس فتى الفتيان من كان همه جرائد يقراها وتلفاز ينظر
ولكن فتى الفتيان من كان همه قراءة قرآن وللقلب يُحضِر
ـ الخامس : هجر التحاكم إليه في البيوت وعدم إقامته في الأسر.
5 ـ المجاهرة بالمعصية :
المجاهرة محرمة ، قال صلى الله عليه و سلم ": كل أمتي معافى إلا المجاهرين ".
من مظاهرها :
أ ـ المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان .
يأكل في الطريق أو في السيارة ، بل وبعضهم يدخِّن علناً دون حياء أو خجل . قال صلى الله عليه و سلم ": إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت ".
ب ـ حلق اللحى ، قال صلى الله عليه و سلم ": جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ". رواه مسلم وأحمد .
بل نص بعض أهل العلم أن من حلق لحيته فإن الملائكة تلعنه حتى وهو يصلي ، أو يقرأ القرآن أو يحج أو يعتمر ، ما دام متلبساً بمعصية حلق اللحية .
ج ـ رفع صوت المسجل أو المذياع بالغناء .
الأذن تصوم وصيامها الإمتناع عن سماع ما حرم الله . قال تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } قال ابن مسعود وابن عباس : هو الغناء .
لا يمكن أن يخشع عند سماع آيات الله ، ولا أن يتلذذ بكلام الرحمن وهو يسمع بريد الزنا وقرآن الشيطان ومنبت النفاق في القلب .
صوتان لا يجتمعان : كلام الرحمن ومزمار الشيطان .
مما يؤسف له أن الغناء انتشر في بيوت المسلمين بشكل كبير حتى في شهر القرآن حتى في العشر الأواخر منه .
برئنا إلى الله من معشر لهم مرض من سماع الغنا
وكم قلت يا قوم أنتم على شفا جرف ما به من بنا
شفا جرف تحته هوة إلى درك كم به من عنا
وتكرار ذا النصح منا لهم لنعذر فيهم إلى ربنا
فلما استهانوا بتنبيهنا رجعنا إلى الله في أمرنا
فعشنا على سنة المصطفى وماتوا على تنتنا تنتنا
الواجب على المسلم أن يستحيي من الله تعالى أن يطلع عليه وهو متلبس في المعصية .
قال صلى الله عليه و سلم :" الحياء من الإيمان ". متفق عليه .
وقال ": الحياء لا يأتي إلا بخير ". متفق عليه .
6 ـ الظلم : من أعظم أسباب الخسارة في هذا الشهر المبارك :
{ ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } .
مهما كان للظالم من أعمال صالحة ومهما حرص على الخير فستؤخذ منه هذه الأعمال بقدر ظلمه للناس وستعطى لمن ظلمهم . قال صلى الله عليه و سلم :" لتؤَدَّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ". رواه مسلم
فإن لم يكن لديه حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار . قال النبي صلى الله عليه و سلم ": من كانت عند مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ". رواه البخاري .
ومن صور الظلم المنتشرة : ظلم العمال لرب العمل فلا يؤدوا العمل بحقه ، وظلم رب العمل للعامل كحرمانه بعض ما يستحق ، وظلم السيد لخادمه والمرأة لخادمتها ، ظلم المعلم للطلاب ، ظلم الأب للأولاد .
قال صلى الله عليه و سلم ": اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على ان سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ". رواه مسلم .
7 ـ اللهث خلف البيع والتجارة والإفراط في ذلك إلى حد التقصير بالواجبات.
فيجلس البائع في سوقه من الصباح وحتى المساء ، وربما لساعات طويلة من الليل ويصاحب ذلك غفلة عن ذكر الله وعن قراءة القرآن وإطلاق النظر إلى النساء ، والغيبة والنميمة والغمز واللمز للباعة الآخرين ، والغش والخداع والنجش ، حتى في العشر الأواخر،عندما يكون الناس في شغل شاغل من العبادة والصلاة والإعتكاف :
صيام العارفين له حنين إلى الرحمن رب العالمينا
تصوم قلوبهم في كل وقت وبالأسحار هم يستغفرونا
أما أمثال هذا البائع المسكين ، فهم في غبن فاحش حيث يعرض نفسه للفتن والشهوات .
8 ـ التسويف في الطاعة : هذا المرض العضال أفنى أعمار الناس حتى في مواسم الخير وأفضل الأيام .
كثير من الناس يكثر من سوف ، سوف أقرأ القرآن ، سوف أصلي ، سوف أتوب سوف أفعل الخير .
تروح وتغدو في مراحك لاهياً وسوف في شراك المنية تنشب
تمر هذه الليالي المباركة عليه وهو غافل لاهٍ سادر في سهوه يعد النفس بالجنة ويتكاسل عن العمل الصالح ، فلا ينشط لصلاة ، ولا يتحمس لقراءة قرآن ولا يجتهد في الدعوة ، أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .
قل للذي ألِف الذنوب وأجرما وغدا على زلاته متندما
لا تيأسن واطلب كريماً دائماً يولي الجميل تفضلاً وتكرماً
يا معشر العاصين جود واسع عند الإله لمن يتوب ويندما
يا أيها العبد المسيء إلى متى تفني زمانك في عسى وربما
بادر إلى مولاك يا من عمره قد ضاع في عصيانه وتصرَّما
9 ـ قتل الوقت وإضاعته ، وله أشكال عديدة :
ــــ فمنهم من يتسكع في الطرقات وعلى الأرصفة .
ـ ومنهم من يجول في الأسواق يلاحق بنظراته محارم المسلمين وعوراتهم.
ـ ومنهم من يقضي سحابة يومه في المعاكسات على سماعة الهاتف يحادث هذه ويتحرش بتلك ويؤذي الثالثة وربما تشتمه أو تلعنه .
أصبحوا ذئاباً بشرية لا يهمهم سوى شهوتهم دون تفكير بمصير الضحية وحالها ، ودون مراقبة لله عز وجل ولا خوف منه .
فكيف يرجى لأمثال هؤلاء من لصوص الأعراض الفوز في رمضان؟
ـ من الناس من يضيع وقته في النوم والكسل والخمول .
ساعات طويلة يقضونها بعد التراويح ليس فيها قراءة قرآن أو ذكر لله أو طلب علم أو استماع لمحاضرة نافعة أو قراءة من كتاب مفيد، ثم ينامون وقت السحر إلى ما بعد أذان العصر .
حرام أن يمن الله علينا ببلوغ رمضان ثم نكفر هذه النعمة بإسراف ساعات أيامه وليليه في المعاصي والمحرمات .
ـ كثير من النساء تضيع أوقاتها في المطبخ والتفنن بالمأكولات وأنواع المشروبات والحلويات .
لا شك أن المرأة مأجورة لقيامها بإعداد الطعام للصائمين إن هي احتسبت ذلك وذلك فضل عظيم لها اختصت به دون الرجال .
لكن يمكنها اختصار الوقت في مطبخها بلا إسراف ولا تبذير :
فذكر الله تعالى خير وسيلة تستغل بها وقتها.{ والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً }.
سبحي وهللي واحمدي وكبري ، قال صلى الله عليه و سلم ":سبق المفردون "، قالوا وما المفردون يا رسول الله ؟ قال :" الذاكرون الله كثيراً والذاكرات". رواه مسلم .
الذكر يرضي الرحمن ، ويطرد الشيطان ، ويزيل الهم ، ويجلب الرزق، ويكسب المهابة والحلاوة ، ويورث محبة الله ويحط الخطايا ويرفع الدرجات .
10 ـ الشح وعدم البذل : قال تعالى { ومثل الذين ينفقون أموالهم في سبل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم } .
قال صلى الله عليه و سلم ": من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يتقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ". متفق عليه .
العاقل من يسابق بالخيرات وينافس في الصالحات فيصل المحتاجين والفقراء من مال الله الذي آتاه . قال صلى الله عليه و سلم ": من فطر صائماً فله مثل أجره ". رواه أحمد والترمذي.
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني
رمضان شهر الجود وموسم الانفاق : ففيه تصفو النّفوس وتُهذّب الأخلاق ، فهو شهرُ الصّدقة والمواساة خصوصًا في هذا الوقتِ الذي يحارَب فيه العملُ الخيري وتحارَب روافِده .
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أكرم الناس وأعظمهم جوداً وبذلاً وسخاءً وإنفاقاً، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر وكان أجود ما يكون في رمضان.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه و سلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ). رواه البخاري.
وكان جوده صلى الله عليه و سلم بجميع أنواع الجود من بذل العلم والمال، وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه، وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم، وكان النبي صلى الله عليه و سلم على هذه الخصال الحميدة قبل النبوة ، ولذا قالت له خديجة في أول مبعثه:( كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ) . رواه البخاري.
تعود بسط الكف حتى لو أنـه ثناها لقبض لم تجبه أنامــله
تراه إذا مـا جئتـه مــتهللا كأنك تعطيه الـذي أنت سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله ســـائله
وفي مضاعفة جوده صلى الله عليه و سلم في شهر رمضان حكم كثيرة منها :
1- شرف الزمان ومضاعفة الأجر فيه.
2- إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعة الله تعالى، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم: عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا". الترمذي.
3- الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما جاء بالحديث، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قرضي الله عنه َالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِصلى الله عليه و سلم : " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ". رواه مسلم.
4ـــ كما أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا، كما في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبيصلى الله عليه و سلم قال : " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ، الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. قَالَ: ثُمَّ تَلَا تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ ". رواه الترمذي.
5- الصدقة تجبر ما في الصيام من الخلل ، ولهذا وجب في آخر رمضان زكاة الفطر . عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ) . رواه أبو داود.
كثير من الناس أناخ الفقر عليهم وحلَّ برحالهم وعضَّهم البؤس بنابه وأوجعهم بكلابه ، من رآهم ظنهم أغنياء من التعفف ، منعهم الحياء وعزة النفس أن يمدوا أيديهم للسؤال .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين