منتديات الجنان جبل حبشي
لذة الانتصار على المعصية 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لذة الانتصار على المعصية 829894
ادارة المنتدي لذة الانتصار على المعصية 103798
منتديات الجنان جبل حبشي
لذة الانتصار على المعصية 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا لذة الانتصار على المعصية 829894
ادارة المنتدي لذة الانتصار على المعصية 103798
منتديات الجنان جبل حبشي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل
:الأســـــم
:كلمة السـر
تذكرنــي؟
الرئيسية البوابة التعليمات البحث التسجيل
المواضيع الأخيرة»اللهم امين»الخميس 21 نوفمبر 2013 - 14:58 من طرف »الصاحب اللي له في ضميري محبه»الخميس 21 نوفمبر 2013 - 14:54 من طرف »صور من ماليزيا..الصور رووووووووووووووعه»الإثنين 24 يونيو 2013 - 1:05 من طرف »Icon21 @@@ حروفَ متشـآبكةَ 9 @@@»الإثنين 3 ديسمبر 2012 - 9:12 من طرف »شخصية الانسان الخجول وكيفية التعامل معه»الخميس 1 نوفمبر 2012 - 12:47 من طرف »كيف تجبر الناس على احترامك؟»الإثنين 20 أغسطس 2012 - 6:07 من طرف »قد يرى الناس الجرح في راسك ولكنهم لايشعرون بالالم الذي تعانيه»الإثنين 20 أغسطس 2012 - 6:06 من طرف »عامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم»الإثنين 20 أغسطس 2012 - 6:02 من طرف »هكذا هم أغلب الناس دوماً ..»الإثنين 20 أغسطس 2012 - 6:01 من طرف »كن سبباً لإدخال السرور في قلوب الناس حولك»الإثنين 20 أغسطس 2012 - 6:01 من طرف

 

 لذة الانتصار على المعصية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مطيع الشهيدي
مراقب عام
مراقب عام



الجنسية : اليمن
الهــواية : لذة الانتصار على المعصية Travel10
المــزاج : رايق
المــهنه : لذة الانتصار على المعصية Seller10
العمر : 45
تاريخ الميلاد : 25/06/1978
المشاركات المشاركات : 6638
النشاط : 12623
وسام : 48
تاريخ التسجيل : 26/12/2008
. : راسلوني على الرابط التالي: http://alshahydi.raslny.com
وسام : 19

لذة الانتصار على المعصية Empty
مُساهمةموضوع: لذة الانتصار على المعصية   لذة الانتصار على المعصية Emptyالإثنين 29 أغسطس 2011 - 3:26

07-18-2011 11:20
الصراع بين الخير والشر والطاعة والمعصية في نفس العبد أمر حتمي لا انفكاك عنه ولا محيص منه.
ذلك أن الله جعل مع العبد قريناً من الملائكة يزين له الطاعة ويحثه عليها ويرغبه بها ، وقريناً من الجن يأمره بالفحشاء ويزينها له وينهاه عن الخير والطاعة .عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة ، قالوا وإياك يا رسول الله ؟ ، قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ". رواه مسلم .واسمعوا إلى هذا الحديث الذي يبيِّن كيف يتسابق القرين الجني والقرين الملكي على توجيه الإنسان.عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" إذا أوى الإنسان إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك : اختم بخير ، ويقول الشيطان اختم بشر ، فإذا ذكر الله تعالى حتى يغلبه ـ يعني النوم ـ طرد الشيطان وبات يكلؤه . فإذا استيقظ ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك افتح بخير ويقول الشيطان افتح بشر، فإن قال : الحمد الله الذي أحيا نفسي بعدما أماتها ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي يمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده، الحمد لله يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، طَرَد الشيطان وظل يكلؤه " . ذكره الحافظ أبو موسى ، ورواه بمعناه ابن حبان والحاكم وصححه والهيثمي وقال : رجاله رجال الصحيح .
الشيطان " عدو ملازم للعبد ملازمته لِنَفَسِه لا يفارقه طرفة عين ، لا يغفل عنه ، يبذل جهده في معاداته على كل حال ، لا يدع أمراً يكيده به يقدر على إيصاله إليه إلا أوصله إليه ، نصب له الحبائل وبغى له الغوائل ومدَّ حوله الأشراك ونصب له الفخاخ والشباك ". ( الداء والدواء 148 ـ 149 ، بتصرف يسير ) .
ولعظيم كيده وكثرة فتنه في هذا العصر وتشبثها في القلوب عزَّت السلامة وولغ الناس في المعصية وأدمنوا عليها وصار الساعي في نجاة نفسه كسفينة تجري في ماء شديد الانحدار ويحاول ربانها الصعود بها، فمن انتصر لقرين الملائكة وترك المعاصي واعتصم بالله نجا وأفلح في الدنيا والآخرة، ومن أطاع قرين الجن وانقاد له فقد أضر وأهلك نفسه في الدنيا والآخرة .
وما ذاك إلا أن للمعاصي عقوبات تتعدى إلى الدين والدنيا والقلب والبدن : فمن عقوباتها أنها تورث سواداً في الوجه وظلمة في القلب وتجلب له الضيق والهم والغم والحزن والألم والانحصار ، وشدة القلق والاضطراب ، وتمزق شمله وتضعفه في مقاومة عدوه وتعريه من زينته بالثوب الذي جعله الله زينة له وهو ثوب التقوى . ومنها زوال أمن العبد العاصي وإبداله به مخافة ، فأخوف الناس أشدهم إساءة . ومنها وقوعه في بئر الحسرات ، فلا يزال في حسرة دائمة كلما نال لذة نازعته نفسه إلى نظيرها إن لم يقض منها وطراً أو إلى غيرها وكلما اشتد نزوعه وعرف عجزه اشتدت حسرته وحزنه ، فكأنه في نار يعذب بها في هذه الدار قبل نار الآخرة الموقدة التي تطلع على الأفئدة. ومن شؤم المعاصي أيضاً نقصان الرزق فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه أو يحرم بركته ، وحصول البغض له والنفرة منه في قلوب الناس . ومنها أنه يحرم لذة الطاعة فإذا فعلها لم يجد أثرها في قلبه من الحلاوة والقوة وزيادة الإيمان والرغبة في الآخرة فإن الطاعة تثمر هذه الثمرات ولابد . ومنها قسوة القلب فما ابتلي العبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب وإنما خلقت النار لإذابة القلوب القاسية وإذا قسى القلب قحطت العين وجفت من الدمع . ومن أعظم العقوبات أن لا يشعر المعاقب بالعقوبة ، وأشد منه أن يُسَرَّ بما هو بلاء وعقوبة فيفرح بالمال الحرام، ويبتهج بالتمكن من الذنب، ويغتبط بالاستكثار من المعصية. ( المعاصي / عبد الحميد تركستاني 3 بتصرف كبير ) .
إن النظر في حال العصاة يُقصِر عن التمادي في الذنوب ، ويقود العاقل إلى تركها والمبادرة بالتوبة النصوح ، فللعصاة نصيب غير منقوص من الذلة والهوان والصغار والضنك والشدة والشقاء والعذاب قال ابن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
و ترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
وقال ابن الجوزي رحمه الله عن أهل الدنيا الذين ولغوا في المعصية :" إياك أن تنظر إلى صورة نعيمهم فإنك تستطيبه لبعده عنك ، ولو بلغته كرهته ، ثم في ضمنه من محن الدنيا والآخرة ما لا يوصف.( التوية وظيفة العمر / محمد إبراهيم الحمد 277 ، بتصرف يسير ) . وقال ابن القيم رحمه الله : فالمُعْرِض له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه وإن تنعم في الدنيا بأصناف النعم ، ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب والأماني الباطلة والعذاب الحاضر ، وإنما يواريه عنه سكرات الشهوات والعشق وحب الدنيا والرياسة وإن لم ينضم إلى ذلك سُكْرُ الخمر ، فسكر هذه الأمور أعظم من سكر الخمر ، فإنه يفيق صاحبه ويصحو وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحو صاحبه إلا إذا صار في عسكر الأموات. فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله رسوله صلى الله عليه و سلم في دنياه وفي البرزخ ويوم معاده .( الجواب الكافي 296 ) .
وصدق رحمه الله ، فقد عبَّر عن هذا المعنى وترجمه إلى واقعنا المعاصر فريق كبير من أهل الفن والرياضة والفلسفة ممن طارت شهرتهم وبعد صيتهم أو طغى غناهم وترفهم . حيث تنبيك أقوالهم وأحوالهم عما يقاسونهم من ضنك وشقاء مع أن الناظر إليهم من بعيد يخيل إليه أنهم والسعادة رضيعا لبان، وهذه نماذج منهم :
ـ الفيلسوف الفرنسي الملحد ( جان بول سارتر : أنكر وجود الله واليوم الآخر ونظر إلى الدنيا نظرة مادية وجودية ، فلم يعد يرى الحياة كلها إلا من دوائر القلق والمتاعب والغثيان والآلام ، وكتب في ذلك جملة قصص ومسرحيات ضمنها آراءه الفلسفية الوجودية التي تتقيأ المكاره حيث أبرز فيها الحياة مخيفة مملوءة بالشقاء مشحونة بالألم ، وحين حضرته الوفاة سئل : أين قادك مذهبك ؟ ، فأجاب في أسى عميق ملؤه الندم : إلى هزيمة كاملة . ( كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة / الميداني 561 بتصرف يسير ) .
ــ الفنانة العالمية الإيطالية ( داليدا ) ، التي وصلت مبيعات أغانيها إلى 85 مليون اسطوانة ، وغنت 400 أغنية بالفرنسية و200 أغنية بالإيطالية و20 أغنية بلغات مختلفة منها الألمانية والإسبانية واليابانية والعربية وحصلت على عدد كبير من الجوائز والأوسكارات والميداليات ، منها ميدالية رئاسة الجمهورية الفرنسية التي قدمها لها الرئيس الفرنسي آنذاك شارل ديجول والتي لم يحصل عليها أي فنان من قبل ، وجمعت ثروة تقدر بـ 30 مليون فرنك فرنسي .كيف كانت حياتها، وهل وجدت السعادة ؟ .
لقد عاشت حياة تعيسة ، كانت مدمنة مخدرات تلجأ إليها للخلاص من الاكتئاب والوحدة والعذاب النفسي وعندما ماتت وجدوا في يدها ورقة كَتَبَتْ فيها : الحياة لا تحتمل ، الحياة أصبحت بالنسبة لي مستحيلة . ( فنانون ومخدرات / عاطف النمر 92 ـ 34 بتصرف كبير ) .
ــ إلى الشباب الذي فتن بمغني البوب الشهير مايكل جاكسون الذي يعد أشهر مغن في العالم وملأت شهرته آذان الإمعات في أرجاء الأرض نقول اسمعوا إلى معاناته : نشرت جريدة الرياض منذ ثلاث سنوات تقريباً ( عدد 11321 وتاريخ 9 / 3 / 1420 ) تقريراً يحمل العنوان التالي : " يصرخ كطفل وفكر في الانتحار ، مايكل جاكسون يعاني من حالة اكتئاب شديدة " وتحت العنوان جاءت التفاصيل : يعاني مايكل جاكسون من حالة اكتئاب شديدة لدرجة أن والدته تقول لأصدقائه : إنه بدأ ينهار ، وقد أقنعتُه في النهاية بأن يبدأ سراً علاجاً نفسانياً في المنزل . وكشف مصدر مقرَّب منه أنه منزعج بشدة من مجموعة أشياء تركته في حالة انهيار فهو لا يستطيع أن يتخلص من صورة أن يسيء معاملة الأطفال وحياته العملية مجمدة ويعاني من مشاكل شخصية أخرى . وذكرت والدته أنه يصرخ كالطفل وفكر في الانتحار وبسبب ذلك اندفعت إلى منزله عدة مرات لتسهر بجواره طوال الليل خوفاً من أن يقتل نفسه.( التوبة وظيفة العمر 294 ـ 295 بتصرف يسير ).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه مبيناً حال أهل المعصية وأهل الطاعة : ... تجد القوم الظالمين أعظم الناس فجوراً وفساداً وطلباً لما يروِّحون به عن أنفسهم من مسموع ومنظور ومشموم ومأكول ومشروب ، ومع هذا فلا تطمئن قلوبهم بشيء من ذلك . هذا فيما ينالونه من اللذة ، وأما ما يخافونه من الأعداء فهم أعظم الناس خوفاً ولا عيشة لخائف . وأما العاجز منهم فهو في عذاب عظيم لا يزال في أسف على ما فاته وعلى ما أصابه .
أما المؤمن فهو مع ( مقدرته ) : له من الإرادة الصالحة والعلوم النافعة ما يوجب طمأنينة قلبه وانشراح صدره بما يفعله من الأعمال الصالحة وله من الطمأنينة وقرة العين ما لا يمكن وصفه . وهو مع ( عجزه ) : له من أنواع الإرادات الصالحة والعلوم النافعة التي يتنعم بها ما لا يمكن وصفه . ( جامع الرسائل 2 / 363 ) .
أيها الأحبة : إن معرفة سوء عاقبة الذنب يولد لدى صاحبه استغفار وندم وتوبة وإلحاحٌ على الله عز وجل بالدعاء وسؤاله سبحانه أن يخلصه من شؤمه ووباله ، وما يلبث ذلك أن يولِّد لدى الإنسان دافعاً قوياً يمكّنه من الانتصار على الشهوات والسيطرة على الهوى فينال بذلك لذة عجيبة وسعادة كبيرة وقرة عين لا مثيل لها وهذا هو مطلوب كل إنسان .
فالسعادة غاية ينشدها كل البشر من المثقف المتعلم في قمة تفكيره، إلى العامي في قاع بساطته، ومن السلطان في قصره المشيد، إلى الصعلوك في كوخه الصغير ولا ينالها أحد إلا بالطاعة وهجر المعاصي .
فأين أحوال العصاة الأشقياء من أحوال من اعتصموا بالله وخالفوا هواهم وهدوا إلى صراط مستقيم ؟ .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق وقوة في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق". ويقول عمر بن عبد العزيز رحمه : أصبحت وما لي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر.( جامع العلوم والحكم ابن رجب 1 / 287 ) . وكان بعض التابعين يقول : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه ( يعني من النعيم الروحي واللذة القلبية وانشراح الصدر) لجادلونا عليه بالسيوف ، وقال الآخر: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله تعالى ومعرفته وذكره . وقال آخر: إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً بأنسه بالله وحبه له . وقال آخر: إنه ليمر بالقلب أوقات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل هذا ــ أي الانشراح والسعادة ــ إنهم لفي عيش طيب . ( إغاثة اللهفان 567 ) . وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله : نحن والله الملوك الأغنياء ، نحن الذين تعجلنا الراحة في الدنيا لا نبالي على أي حال أصبحنا وأمسينا إذا اطعنا الله عز وجل . ( حلية الأولياء 7 / 370 ) .
قليل من عرف حقيقة السعادة في الدنيا وأنها لا تكون إلا بالإستقامة على دين الله والعمل الصالح كما قال تعالى{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يتلذذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه . ولو حصل له كل ما يتلذذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة . ( الفتاوى الكبرى 5 / 188ـ 189 ) . وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله : من أصلح سريرته أصلح الله علانيته, ومن أصلح آخرته أصلح الله دنياه ، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس . وقد صدق رحمه الله ، فمن جمعت فيه تلك الخصال الثلاث جمع الله له سعادة الدنيا والآخرة .
ويحكي ابن القيم رحمه الله عن شيخ الإسلام فيقول: (وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة ، قال : وقال لي مرة : ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني ، إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة. وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة ، قال : وقال لي مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى والمأسور من أسره هواه. ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله عذاب }.قال : وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً وأشرحهم صدراً وأقواهم قلباً وأسرهم نفساً تلوح نضرة النعيم على وجهه . ( الوابل الصيب 69ـ 70 ) . وكان أبو سليمان الداراني يقول : أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم .
هذه هي السعادة الحقيقة لا يعرفها إلا من تـذوقها ولا يتذوقها إلا من شرح الله صدره للإسلام واطمأن قلبه بالإيمان فيجد نعيم الروح وشرح الصدر وقرة العين وأنس الخاطر ، فإن القلب فيه شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله وفيه داء لا يشفيه إلا الله عز وجل وفيه فاقة لا يسدها شيء سوى الإقبال على الله . فهو فقير بالذات إلى الله من وجهين : من جهة العبادة ومن جهة الإستعانة . فإن القلب لا يسكن ولا يلتذ ولا يطيب إلا بعبادة ربه والإقبال عليه ولو توفرت له ملذات الدنيا جميعها ، ومن جهة الإستعانة فإن الله إذا لم يعن العبد ويوفقه ويهديه فلن يستطيع أن يجلب لنفسه خيراً ولا يدفع عن نفسه شراً إلا بالإستعانة بالله والركون إليه والتوكل عليه .
من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه :
وإن مما لا ريب أن للشهوات سلطاناً على النفوس وتمكناً في القلوب والخلاص منها شاق عسير ، ولكن من اتقى الله جعل له مخرجاً ومن استعان به أعانه ومن توكل عليه كفاه .
وكلما ازدادت الرغبة في الحرام وتاقت النفس إلى فعله وكثرت الدواعي إلى الوقوع به ، كان الأجر في تركه أعظم ، والمثوبة مضاعفة أكثر ، فمن ترك المعاصي مخلصاً لله بذلك صابراً على مشقة المجاهدة استحالت المشقة لذة والمجاهدة برداً وسلاماً واستشعر روح القرب من الله .
من ذاق طعم نعيم القوم يدريه ومن دراه غدا بالروح يشريه
يقول شيخ الإسلام عن لذة ترك المعصية وما يجده التائب من الحلاوة : وكل هذا محسوس مجرَّب ، وإنما يقع غلط أكثر الناس أنه قد أحس بظاهر لذات أهل الفجور وذاقها ولم يذق لذات أهل البر ولم يخبرها.أ . هـ . (جامع الرسائل 2 / 363 ) .
من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه والعوض من الله لا حصر له ولا مثيل ، وأَجَلُّ ما يعوض الله به العبد التائب أن يجعل أنسه به ويرزقه محبته وطمأنينة القلب بذكره ورضاه عن ربه تعالى مع ما يلقاه من جزاء الدنيا ، أما جزاء الآخرة فأكبر وأوفى .( الفوائد 159ـ 160 ، نقلاً عن التوبة وظيفة العمر 265 ـ 266 بتصرف يسير ) .
فمن ترك الشرك والسحر والذهاب للعرافين والكهنة ، عوضه الله بالتوحيد والصبر وصدق التوكل فلا يحمل هماً ولا يعرف غماً :
فاطرح الهـم مـا استطعت فحمـلانك الهمـوم جنـون
إن ربا كفاك ما كان بالأمس سيكفيـك فـي غدٍ ما يكون
ومن ترك مسألة المخلوقين ورجاءهم ، وعلق رجاءه بالله وحده لا شريك له ، عوضه الله خيراً مما ترك فرزقه حرية القلب وعزة النفس والاستغناء عن الخلق ، " ومن يستعفف يعفه الله " . متفق عليه .
ومن ترك الخوف من المخلوقين وأفرد الله وحده بالخوف وسلَّم له نفسه، سلِم من الأوهام وأمَّنه الله من كل شيء ، ولم يبق لخوف المخلوقين في قلبه موضع لأنه سلَّم نفسه لربه وأودعها عنده وأحرزها في حرزه وجعلها تحت كنفه حيث لا تنالها يد عدو عاد ولا بغي عات ، ومن كانت هذه حاله فلا تسل عن لذته وانشراحه وقرة عينه .
ومن ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة . فأغبط الناس من عنده رزق يكفيه وبيت يؤويه وزوجة ترضيه وسلم من الدَّيْن الذي يثقل كاهله ويؤذيه، فليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى القلب ، قال صلى الله عليه و سلم : " من كان همه الآخرة جمع الله عليه أمره وجعل غناه في قلبه وآتاه الدنيا وهي راغمة، ومن كان همه طلب الدنيا جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه أمره ولم يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له " .
ومن ترك الكذب ولزم الصدق ، هداه الله إلى البر وكان عند الله صديقاً ورزق لسان صدق بين الناس ، فسوَّدوه وأكرموه وأصاخوا السمع لقوله .
ومن ترك المراء وإن كان محقاً ، ضُمِن له بيت في ربض الجنة وسلم من شر اللجاج والخصومة وصفى له قلبه وأمن من كشف عيوبه .
ومن ترك الغش في البيع والشراء والمعاملة ، نال رضا ربه وزادت ثقة الناس به وكثر إقبالهم عليه .
من ترك الربا والكسب الخبيث بارك الله له في رزقه وفتح له أبواب الخيرات .
ومن ترك النظر المحرم عوَّضه الله فراسة صادقة ونوراً وجلاءً ولذة يجد حلاوتها في قلبه وسلم من شر وتبعات إطلاق البصر .
من ترك البخل وآثر الكرم والسخاء ، أحبه الناس وقربه الله إليه وأدنى له الجنة ، وسلم من الهم والغم وضيق الصدر وترقى في مراتب الكمال ومدارج الفضيلة { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } .
من ترك الكبر ولزم التواضع ، كمل سؤدده وعلا قدره وتناهى فضله "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ".رواه مسلم.
وأحسن أخلاق الفتى وأتمها تواضعه للناس وهو رفيع
من ترك التدخين والمخدرات والمسكرات ، أعانه الله وأمده بألطاف من عنده وعوَّضه صحة وعافية وسعادة حقيقية لا تلك التي يتوهمها بالمخدرات والمسكرات .
ومن ترك العشق وأقبل على ربه بكليته ، رزق السلوَّ وعزة النفس والسلامة من اللوعة والأسى وذلة الأسر ومُلئ قلبه حرية ولُمَّ شعث قلبه وسُدَّت خلته .
ومن ترك الإساءة إلى الخلق واستبدل ذلك بالإحسان إليهم والسعي في قضاء حوائجهم وتفريج كروبهم مادياً أو معنوياً فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله مع المحسنين ويحب المحسنين والجزاء من جنس العمل فأحسن إلى الناس يحسن الله إليك وارحم الناس واعطف عليهم وتألم لمصائبهم يرحمك الله قال النبي صلى الله عليه و سلم :" الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
من ترك التسخط بالقضاء والقدر ورضي بكل ما قدره الله وقضاه ، عوضه الله اطمئناناً في النفس ورضىً بكل ما يصيبه وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه قال تعالى { ومن يؤمن بالله يهد قلبه } قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم .
من ترك الانتقام والتشفي مع قدرته على ذلك ، عوضه الله انشراحاً في الصدر وفرحاً في القلب ، ففي الصفح والعفو من الطمأنينة والسكينة والحلاوة وشرف النفس وعزها ما ليس في الانتقام ، " وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً " . رواه مسلم .
من ترك صحبة السوء التي يظن أن بها منتهى أنسه وغاية سروره ، عوضه الله أصحاباً أبراراً يجد عندهم المتعة والفائدة وينال بصحبتهم خير الدنيا والآخرة {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
من ترك المماطلة بالدين يسر الله أمره وسدد عنه وكان في عونه . ومن ترك الغضب حفظ على نفسه عزتها وكرامتها ونأى بها عن ذل الاعتذار ومغبة الندم وخيره الله من الحور العين ما شاء على رؤوس الخلائق يوم القيامة ودخل في زمرة المحسنين {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين }.
من ترك الوقيعة في أعراض الناس والتعرض لعيوبهم ومغامزهم ، عوِّض بالسلامة من شرهم ورزق التبصر في عيوب نفسه .
المرء إن كان مؤمناً ورعاً أشغله عن عيوب الورى ورعه
كما السقيم العليل أشغله عن وجع الناس كلهم وجعه
من ترك الحسد سلم من ضرره ، فالحسد داء عضال وسم قتال ومسلك شائن وخلق لئيم ، ومن لؤمه أنه يبدأ بصاحبه ثم الأدنى فالأدنى ، كما قال القائل :
لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله
من ترك قطيعة الأرحام فوصلهم وتودد إليهم وقابل إساءتهم إحساناً ، وصله الله وبسط له في رزقه ونسأ له في أثره ولا يزال معه من الله ظهير ما دام على تلك الصلة .
ومن تـرك عقوق الوالدين ، رضي الله عنه وأدخله الجنة وعوضه أبناءً بررة . وبالجملة فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
التوبة توجب للعبد الرقة واللطف وشكر الله وحمده والرضا عنه ، ويترتب على ذلك أنواع من النعم لا يزال العبد يتقلب في بركتها وآثارها ما لم ينقضها أو يفسدها.( التوبة وظيفة العمر 33 بتصرف يسير ).كما أنها توجب محبة الله وفرحه بحال التائب . قال صلى الله عليه و سلم :" لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله ، قال : أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده ". متفق عليه . قال ابن القيم رحمه الله تعليقاً على هذا الحديث : ولم يجئ هذا الفرح في شيء من الطاعات سوى التوبة ومعلوم أن لهذا الفرح تأثيراً عظيماً في حال التائب وقلبه ومزيدُه لا يُعَبَّر عنه. أ . هـ . ( مدارج السالكين 1 / 306 ) .
والله جل شأنه لم يعد من أطاعه بالمال ولا بالسلطان ، فهذه لا تجلب السعادة ، إنما وعدهم بالحياة الطيبة والمتاع الحسن فقط يقول تعالى {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله}. فعطاء الله لمن يعمل الصالحات الحياة الطيبة التي تسعده في الدنيا ، أما يوم القيامة { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.
الممثل محسن محيي الدين وزوجته الممثلة نسرين الذين من الله عليهما بالتوبة من الفن ، لم يجدا طعم السعادة إلا بالعودة إلى الله ، يقول محسن: هذا القرار ــ أي قرار التوبة واعتزال الفن ــ لا رجعة فيه لأني اتخذته بكامل اقتناعي وإرادتي وندمت لأني تأخرت فيه حتى الآن ، فالأضواء ليست غالية حتى أحن إليها مرة أخرى فالشهرة والمال والأضواء لا تساوي ركعتين لله . وتقول زوجته نسرين : الحمد لله كان يومي يضيع دون إحساس بالسعادة ودون أن أشعر بالسلام ، والآن ليس لدي وقت كاف لأن هناك أموراً كثيرة نافعة يجب اللحاق بها ، لقد وجدت السلام بداخلي . ( العائدون إلى الله 4 ـ 18 بتصرف كبير ) .
ولا عجب من كلامهما لأنه لا نعيم ولا أنس إلا بالله ومحبته والإقبال عليه والتوبة بين يديه . يقول ابن القيم رحمه الله : وأما محبة الرب سبحانه وتعالى فشأنها غير الشأن ، فإنه لا شيء أحب إلى القلوب من خالقها وفاطرها فهو إلهها ومعبودها ووليها ومولاها وربها ومدبرها ورازقها ومميتها ومحييها فمحبته نعيم النفوس وحياة الأرواح وسرور النفس وقوت القلوب ونور العقول وقرة العيون وعمارة الباطن ، فليس عند القلوب السليمة والأرواح الطيبة والعقول الزكية أحلى ولا ألذ ولا أطيب ولا أسرَّ ولا أنعم من محبته والأنس به والشوق إلى لقائه ، والحلاوة التي يجدها المؤمن في قلبه فوق كل حلاوة والنعيم الذي يحصل له بذلك أتم من كل نعيم واللذة التي تناله أعلى من كل لذة . وقال : وما من مؤمن إلا وفي قلبه محبة لله تعالى وطمأنينة بذكره وتنعم بمعرفته ولذة وسرور بذكره وشوق إلى لقائه وأنس بقربه وإن لم يَحُسَّ به لاشتغال قلبه بغيره وانصرافه إلى ما هو مشغول به فوجود الشيء غير الإحساس والشعور به ، فإذا عُرِف هذا ، فالعبد في حال معصيته واشتغاله عنه بشهوته ولذته تكون تلك اللذة والحلاوة الإيمانية قد استترت عنه وتوارت أو نقصت أو ذهبت لأنها لو كانت موجودة لما قدم عليها لذة أو شهوة .( إغاثة اللهفان 567 ـ 568 بتصرف يسير ) .
وبهذا يتبين أن تقوى الله عز وجل والإقبال عليه واجتناب محارمه أصل السعادة وسرها ، وكل سعادة بدون ذلك فهي مبتورة أو وهمية وإن اجتمعت حولها أسباب أخرى للسعادة ، فالسعادة ينبوع يتفجر من القلب لا غيث يهطل من السماء ، والنفس الكريمة الراضية التقية الطاهرة من أدران الرذائل وأقذارها سعيدة حيثما حلت وأنى وجدت: في القصر أو الكوخ ، في المدينة أو القرية ، في الأنس وفي الوحشة ، في المجتمع وفي العزلة ، بين القصور والدور أو بين الآكام والصخور ، فمن أراد السعادة الحقة فلا يسأل عنها المال والحسَب ولا الفضة والذهب ولا القصور والبساتين ولا الزهور والرياحين ، بل يسأل عنها نفسه التي بين جنبيه ، فهي ينبوع سعادته وهنائه إن شاء ومصدر شقائه وبلائه إن أراد{قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها }.
وما هذه الابتسامات التي ترى متلألأة من أفواه الفقراء والمساكين لأنهم سعداء في عيشهم ، بل لأنهم سعداء في أنفسهم .وما هذه الزفرات والتأوهات التي تسمع متصاعدة من صدور الأغنياء والأثرياء لأنهم أشقياء في عيشهم ، بل لأنهم أشقياء في أنفسهم .ما كدَّر صفاء هذه النفوس وأزعج سكونها وقرارها وسلبها راحتها وهناءها مثل البعد عن الله عز وجل . ولا أنار صفحتها ولا جلَّى ظلمتها ولا كشف غمها مثل الإقبال عليه سبحانه . فمن أراد السعادة العظمى فليقبل على ربه بكليته حباً وذكراً وإنابة وخوفاً ورجاء وطاعة ... .قال ابن تيمية رحمه الله : من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية . ( التوبة وظيفة العمر 260ـ 261 بتصرف يسير ) .
قال ابن حزم رحمه الله : تطلبتُ غرضاً يستوي فيه الناس كلهم في استحسانه وفي طلبه فلم أجده إلا واحداً وهو : طرد الهم .فلما تدبرته علمت أن الناس كلهم لم يستووا في استحسانه فقط ولا في طلبه فقط ، ولكن رأيتهم على اختلاف أهوائهم ومطالبهم وتباين هممهم وإراداتهم لا يتحركون حركة أصلاً إلا فيما يرجون به طرد الهم ولا ينطقون بكلمة أصلاً إلا فيما يرومون به إزاحته عن أنفسهم ، فمِن مخطئ وجه سبيله ومن مقارب للخطأ ومن مصيب وهو الأقل من الناس في الأقل من أموره . وقال : وليس في العالم مذ كان إلى أن يتناهى أحد يستحسن الهم ولا يريد طرده عن نفسه ، فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع وانكشف لي هذا السر العجيب وأنار الله تعالى لفكري هذا الكنز العظيم ، بحثتُ عن سبيل موصلة على الحقيقة إلى طرد الهم الذي هو مطلوب للنفس الذي اتفق عليه جميع أنواع الإنسان، الجاهل منهم والعالم والصالح والطالح على السعي له ، فلم أجدها إلا في التوجه إلى الله عز وجل بالعمل للآخرة ... ووجدت العمل للآخرة سالماً من كل عيب خالياً من كل كدر موصلاً إلى طرد الهم على الحقيقة ، ووجدت العامل للآخرة إن امتُحِن بمكروه في تلك السبيل لم يهتم ، بل يُسَرُّ ، إذ رجاؤه في عاقبة ما ينال : به عون له على ما يطلب وزايد في الغرض الذي إياه يقصد ، ووجدته إن أعاقه عما هو بسبيله عائق لم يهتم ، إذ ليس مؤاخذاً بذلك ، فهو غير مؤثِّر فيما يطلب ، ورأيته إن قُصد بالأذى سرَّ ، وإن نكبته نكبة سر وإن تعب فيما سلك فيه سر ، فهو في سرور أبداً وغيره بخلاف ذلك أبداً ، فاعلم أنه مطلوب واحد وهو طرد الهم وليس له إلا طريق واحد وهو العمل لله تعالى فما عدا هذا فضلال وسخف.( الأخلاق والسير 14 ـ 16 بتصرف يسير ) .
إن طيب الحياة، والسعادة بعد الممات، لا تكون بكثرة الأموال وتنوع الممتلكات، ولا بالتمكن من الشهوات ، مع الغفلة عن حق رب الأرض والسماوات المطلع على الضمائر والنيات ، وإنما تكون بطاعة رب العالمين، المبنية على الفقه في الدين ، والإخلاص لله ومتابعة الرسول صلى الله عليه و سلمالأمين، وذلك بأداء فرائض الطاعات ، وتكميلها بالنوافل المستحبات، واجتناب الكبائر الموبقات ، والحذر من الصغائر المحقرات ، واتقاء الشبهات، وسؤال الله الثبات على الحق حتى الممات.
طيب الحياة وسعادة الأبد، لا تنال بكثرة العرض ، ولا بالأخلاد إلى الأرض ، وإنما تنال بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، والقدر خيره شره ، وحلوه ومره ، ولإقام الصلاة وأداء الزكاة ، والحج والصيام ، وبر الوالدين وصلة الأرحام ، وعشرة الزوجة بالمعروف ، وحسن تربية الأولاد ، وبسط اليد بالنفقات الواجبات والمستحبات على القرابات وذوي الحاجات ، والإحسان إلى الأيتام والضعفاء والمساكين ، وإغاثة الملهوفين والمكروبين والمنكوبين ، فإن هذه الأعمال من خصال أهل الإيمان والتقوى ، الذين وعدهم الله بكل خير في الدنيا والآخرة.قال تعالى { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه }. وقال سبحانه { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً }. وقال{ ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً } . ولما ذكر تعالى النار قال {وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى } . ولما ذكر الجنة قال { تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً }. وقال جل ذكره { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين ءامنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم } .
أيها المسلمون: لقد سبق المتقون إلى كل بر، فحازوا كل خير : من شرح الصدر ويسر الأمر، وذهاب الهم وانكشاف الغم ، والزيادة من صالح العمل ، والسداد في القول ، وبركة العمر، وسعة الرزق ، والطهارة من سيء الخلق ، مع ما لهم عند الله من عظيم الأجر، ورفيع الذكر، ورفعة الدرجات ، وحط الخطيئات ، وبذلك تطيب الحياة وتتحق السعادة من بين المخلوقات ، وتنال الغرف العالية من الجنات ، والفوز برضوان رب الأرض والسماوات. روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول : هل رضيتم ؟ ، فيقولون وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحداً من خلقك ! فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ ، فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ ، فيقول : أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هائل الحاتمي
مراقب عام
هائل الحاتمي


الجنسية : اليمن
الهــواية : لذة الانتصار على المعصية Readin10
المــزاج : رايق
المــهنه : لذة الانتصار على المعصية Seller10
العمر : 53
تاريخ الميلاد : 15/01/1971
المشاركات المشاركات : 10437
النشاط : 17464
وسام : 82
تاريخ التسجيل : 17/09/2008
. : علمتني الحياة ان ابحث عن الامل حتى في دروب اليأس
وسام : 21

لذة الانتصار على المعصية Empty
مُساهمةموضوع: رد: لذة الانتصار على المعصية   لذة الانتصار على المعصية Emptyالخميس 20 أكتوبر 2011 - 9:49

طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص أحترامي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لذة الانتصار على المعصية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الجنان جبل حبشي  :: منتديات الجنان> الإسلاميات :: الخيمة الرمضانية-
انتقل الى: