الأول : التقرب إلى الله بفعل الخير :
فصيام التطوع من الأعمال التي تقرب إلى الله تعالى ، وهو من أجلها على الإطلاق
كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : الصيام أفضل ما تطوع به ، لأنه لا يدخله
الرياء ، والرياء كما تعلمون محبط للأعمال مدخل للنيران والعياذ بالله ، فالعبد
مأمور بالإخلاص ولهذا قال الله تبارك وتعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله
مخلصين له الدين حنفاء " [ البينة ] ، وقال تعالى : " وقدمنا إلى ما عملوا من
عمل فجعلناه هباءً منثوراً " [ الفرقان ] ، وقال الله تعالى : " من كان يريد
العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً
مدحوراً * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً "
[ الإسراء ] ، وقال جل وعلا : " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم
أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار
وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " [ هود ] ، وقال صلى الله عليه وسلم
، قال الله تعالى : " أنا خير الشركاء من عمل لي عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه
بريء وهو للذي أشرك " [ رواه الإمام أحمد ] ، فانظر هل سينفعك ذلك الإنسان إذا
وضعت في قبرك ويوم محشرك . ولهذا كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم
حجة لا رياء فيها ولا سمعة " [ رواه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الجامع
برقم 1313 ] .
فعموماً فصوم النافلة له مزايا عديدة من أعظمها أنه يباعد وجه صاحبه عن النار ،
ويحجبه منها ويحاج صومه عنه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يصوم
يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً " [
متفق عليه ] ، وكثرة الصوم دليل على محبة الله للعبد ، ويالها من منزلة عالية
ومكانة رفيعة يحظى بها العبد عند ربه فما أن يكثر من الصيام إلا ويحبه ربه ،
ومن أحبه ربه وضع له القبول الأرض وفي السماء ، قال صلى الله عليه وسلم : " ولا
يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " . والفضائل كثيرة ونكتفي بما ذكرنا
لأن المقام ليس مقام ذكر لفضائل ومزايا الصيام وإنما هو لغرض آخر .