الثقة بالنفس مطلوبة ،لأنه ليس من المفترض أن تنتظر تقدير الناس لك وأنت في الأساس لا تكن التقدير ،وتقلل من شأن نفسك وضعف الثقة بالنفس يؤدي إلي الشعور بالقلق ، وعدم التكيف الاجتماعي المطلوب ،والثقة بالنفس تساعد على تحقيق هذا التكيف في علاقتك بالوسط المحيط بك سواء في الأسرة أو العمل أو الأصدقاء .
وهناك صفات سلبية تعوق هذا التكيف الاجتماعي ، مثل الميل إلي التقلب والجدل والغضب ،والإصرار على التمسك بالرأي والسخرية في الحديث .. فهذه صفات لا تساعد على التكيف الاجتماعي ،وأفضل شخص يتكيف اجتماعياً هو الشخص المتزن نفساياً الذي لا يجرح مشاعر الآخرين .
ولا يختلف اثنان على ما للثقة بالنفس من أهمية في قدرة الإنسان على شق طريقة في الحياة وإحراز النجاح فيما تمتد إليه يداه من أعمال، ولا يجب الخلط بين الثقة والغرور .
فالثقة بالنفس انبثاق داخلي من صلب شخصية الإنسان ،أما الغرور فهو اصطناع خارجي ..قشرة خارجية يضيفها الشخص إلي شخصيته من دون أن يكون لها صلة بواقعه في الحياة أو واقعه النفسي الذي يستشعره في أعماق نفسه ،والثقة بالنفس نمو تدريجي ،أما الغرور فهو طفرة.
الثقة بالنفس تستلزم أن يكون الشخص متواضعا عارفا قدر نفسه والثقة تبشر الشخص بتقدمه المستمر في الحياة أن نجاحه يأتي بالمثابرة والجهد،فهو يرى أين يقف ويستطيع أن يرى ماضيه ويستكشف مستقبله والواثق يفرح بنجاحه ويتطلع لمستقبله.
والثقة بالنفس ليست عملا ينبغي ممارسته بل هي ثمرة يجنيها الشخص نتيجة بذور غرسها ورعاها ، والثقة بالنفس تتطلب معرفة الشخص لنفسه ، وإيمانه بالنفس ، أو ما يطلق عليه تصورات بالذات بغير تحقير أو تعظيم ،وتحتاج أيضا إلي صحة نفسية سليمة لا يدخلها المرض النفسي ،ومعرفة النفس تستدعي أيضا معرفة الوسائل الكفيلة بترويضها والأخذ بيدها .
التقدم بها حثيثا إلى الأمام..
أهمية الثقة بالنفس:
فقدان الثقة بالنفس يدل على فقدان التكامل النفسي والاتزان وهذا الاتزان النفسي إنما هو سلوك داخلي وخارجي ينتهجه الشخص المتكامل نفسيا ،والشخصية المتكلفة يأتي سلوكها إيجابيا متكيفا مع الواقع الاجتماعي .
وترتبط النفس أيضا بالاتزان النفسي ويقصد به عدم التقلب بين حالات نفسية متعارضة ،فالشخص المفتقر إلى الثقة بالنفس سرعان ما يتحول من حالة السرور إلي حالة الكدر ومن حالة الارتياح إلى حالة الفقدان .
والثقة بالنفس تحمي الشخص من تصرفاته العدوانية ، والإنسان الواثق بنفسه قادر على اكتساب الخبرات الحياتية ،وتعلم المهارات، فالذكاء وحده لا يكفي في هذه الحالة إذا لم يتواكب مع الثقة بالنفس .
والشخص الذي يؤمن بقدرته على الأداء يستطيع أن ينجح، فإحساس الشخص بالقصور عن أداء العمل ينتهي به إلى التخاذل ، ومن ثم فأنه لا يستطيع أن يبذل الجهد المطلوب لإنجاز العمل وحتى إذا هو بذل جهداً أكبر فإنه لا يكون جهداً مشوباً بالتصويب السديد ،بل يأتي جهده مشتتاً.
والابتكار في العمل بحاجة شديدة إلى الثقة بالنفس ،ولكي يكون الشخص ناجحاً لابد أن يتمتع بالاتزان الانفعالي ،والعلاقة بين الاتزان الانفعالي وبين الثقة بالنفس علاقة وثيقة للغاية .
ولكن القول بأن الاتزان الانفعالي هو حالة من حالات الثقة بالنفس فالشخص المتزن انفعالياً هو شخصية رزينة ، هادئة التفكير، غير مندفعة ، فيما تصدره من أحكام ،وغير متهورة فيما تقبل عليه من تصرفات ، والشخصية المتزنة انفعالياً شخصية تحكم نفسها وتمسك بمقاليد تصرفاتها ، ولا تتورط في تصرف متهور ، وثمة جانب أخر من جوانب الثقة بالنفس هو التعاون مع الآخرين من الشخصيات الواثقة في نفسها ،أما الشخصيات المهزوزة فتحجم عن التعاون خوفا من أن تتهم بأنها ضعيفة ، وبأن الآخرين يسيطرون عليها ، ويمسكون بقيادها ويحددون خطواتها.
والثقة بالنفس تكسب الشخص وضوحاً في الرؤية في العمل ،ذلك أن الإنسان إذا وثق في نفسه يستطيع أن يحس بأن العمل الذي يضطلع به ما هو إلا جزء من ذات نفسه ومن ثم فإنه يعمد إلى رؤية نفسه من خلال رؤيته للعمل بوضوح ، ويتبع هذا تجديد أسلوب العمل ، وتقبل النقد الموجه له ، بل ويتخذ من النقد الذاتي ونقد الآخرين له ذرائع تصحيحية وتطويرية ،والشخص الواثق دائب التعلم واكتساب الخبرات الجديدة .
وحب الناس لنا شيء عزيز لأنفسنا ، فبغير حب الآخرين لنا وبغير حبنا للآخرين لا نستطيع الإحساس بكياننا الإنساني .
ذلك أن اكتمال وجودنا الإنساني الاجتماعي لا يتأتى إلا إذا تبادلنا والناس من حولنا حباً بحب ،وإذا كان حب الناس لنا مسألة غير مضمونة بحيث لا يمكن الاعتماد عليها وإذا كنا في الوقت نفسه لا نستطيع أن نستغني عن حب الآخرين لنا وحبنا لهم ،فيجب أن نبحث عن موقف محدد من هذين الموقفين المتباينين .
والثقة بالنفس تجعلنا معصومين من الواقع تحت طائلة عواطف الآخرين ، وحب الواثق من نفسه للآخرين واستقباله حبهم له يقوم أساسا على احترام الشخصية الإنسانية ، والمحب للناس لا يعرف الكراهية ولا يميل إلى التناقض ،والثقة بالنفس ضرورية لمواجهة الصعاب والمشكلات ، وأن يكيف نفسه وفق المتغيرات البيئية المحيطة به ، وأن يعدل من سلوكه من غير أن يحس بخيبة أمل.
مقومات الثقة بالنفس :
جمال الطلعة ،بهاء المنظر،جاذبية الشخصية، القدرة على الكلام واللباقة ،واستخدام الألفاظ المناسبة ،والاتزان الوجداني يوفر الثقة بالنفس ،ويرتبط بهذا نظرة الشخص للواقع من حوله ولحاضرة ومستقبله وحياته ،ومدى تفاؤله أو تشاؤمه ..
والمتفائل يترقب الخير والنجاح والسعادة ،وبالطبع الواثق من نفسه يميل إلى التفاؤل والشخص المفتقد لثقته بنفسه يعمد إلى تعذيب نفسه بالتأنيب الذاتي لأنه يحس بإفلاسه ،وبأنه غير قادر على تعديل مسار حياته وفق النمط السلوكي السليم .
ويحدد الوضع الاجتماعي للشخص مدى ثقته بنفسه، ذلك أن الكيان الاجتماعي لأي شخص يحدد من ثم كيانه النفسي ، وفكرته عن نفسه ، والواقع أن الإنسان ليس فرداً قائماً بذاته منفصلا عن المجتمع الذي نشأ في نطاقه ، إنه خلية في جسد حي والخلية لا تظل حية إلا في نطاق الجسم الذي تنخرط في نطاقه .
والإنسان يرى المجتمع من خلال نفسه وفي نفس الوقت يرى نفسه من خلال المجتمع ،وعندما يعترف المجتمع بقيمة الفرد فأنه يسهم في إحساس هذا الفرد بإنسانيته ،ويمتليء ثقة بالنفس ويستشعر في نفسه القوة والقدرة على مجابهة الحياة.
معوقات الثقة بالنفس:
المعوقات الصحية ويقصد بها صحة الإنسان وحالته البد نية وقدرته على بذل الطاقة .
والمعوقات الوجدانية فالحياة الوجدانية السليمة تعزز الثقة بالنفس والاضطرابات الانفعالية تنتقض من ثقته بنفسه ،بالإضافة للحاجات العقلية والثقافية .
يحدث فقدان الثقة بالنفس في الحالات الآتية :
° هبوط مستوى الذكاء .
° العجز عن الحفظ والنسيان .
° تفكك التفكير .
° افتقاد المعرفة ، فالشخصية المثقفة تمتلك مهارات التعامل مع الأخرين وكسب ثقتهم وصداقاتهم وتعاونهم .