مداخلتي في محاضرة الأستاذ محمد العلي

مداخلتي في محاضرة الأستاذ محمد العلي

دوافعها و اهدافها

الدكتور أحمد محمد اللويمي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ألقى الأستاذ و الأديب البارز سعادة الأستاذ محمد العلي محاضرة في الأحساء بدعوة من منتدى الرميلة الثقافي بعنوان (ما هو التاريخ؟ ) . و قد سبق المحاضرة مقدمة إحتفالية خطابية و شعرية غلب عليها طابع المبالغة في الأحتفاء بالأستاذ المحاضر تجاوزت حد التبجيل و التقدير المتعارف و بلغ الحد في هذه المقدمة الأحتفالية الغلو في التبجيل مما دعى الأستاذ الكبير الى التبرء من الأوصاف المزعومة قائلا (انا لا اعرف الذي مدح في هذا المكان ولكن سأبلغه تحياتكم ) .

و بعد انتهاء المحاضرة التي شملت مراحعة للنظريات المختلفة في تفسير التاريخ ، تعاقب المداخلون في مداخلاتهم حتى طلب مني إذا كانت لي مداخلة فأغتنمت الفرصة للتعبير عن رأي حول ظاهرة الغلو في التبجيل بالشخصيات الدبية و مدى خطورتها على مسيرة الحركة الفكرية و الثقافية في المجتمع و كانت فحوى مداخلتي كالتالي :

((إن الحديث هذه الليلة عن التاريخ و يستلزم علينا ان نحدد طبيعة المرحلة التاريخية التي تعيشها الأحساء في هذه البرهة التاريخية . إن أهم الجوانب التي يمكن من خلالها تحديد ملامح المرحلة هي قراءة الظواهر العامة في المجتمع . إن النادي الأدبي بالأمس أستضاف المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري و اليوم يستضاف الأديب الأستاذ محمد العلي للمرة الثانية في الأحساء . إن هذا الحراك الفكري و الثقافي ينم عن تحولات فكرية و ثقافية كبيرة تمر بها الأحساء و يجب ان نرعى العوامل و الأسباب التي تنمي هذه التحولات في الأحساء ، وأهم ما يمكن الإشارة اليه هنا هو القضاء على كل ما يدل على الصنمية الفكرية . إننا لا نريد ان نحول من مفكرينا إلى اصنام. فإذا كان القصد من دعوة الأستاذ محمد العلي ان نحيله الى صنم نقدم له فروض الطاعة فماذا إذا الفرق بينه و بين ما نعانيه من الصنمية المستشرية في الأحساء . إننا نريد بوجوده ان نذكي بيئة النقد الفكري . كان حريا بنا ان تقدم دراسة نقدية لفكر محمد العلي بدل هذه المقدمة المملوءة بصناعة الصنمية و الإطراء المثير لحالة من الأشمئزاز . إنا نقول لأشتاذنا محمد العلي إذا كان القصد من مجيئك هنا ان نضيفك الى ما عندنا من الأصنام الفكرية فالأحرى بك ان لاتأتي و لنحتفظ بصورتك في ذهننا ناصعة . فلا نريد ان نبني حولك سورا يمنع شبابنا من ثقافة النقد و لا نريد بهذه الدعوة عرقلة عوامل التحول التي تمر بها الأحساء في هذه المرحلة التاريخية ))
دوافع المداخلة: يمكن الإشارة الى دوافع هذه المداخلة من جانبين :

الأول : منهج الطرح و أسلوبه

1.طبيعة الحضور و المحاضر و البعد الذي كانت ترمي له هذه الفعالية الثقافية الفكرية حسب ما تم من المناقشات مع الأخوة المنظمين لم تكن لتنحصر في محاضرة ساذجة لنقل معلومات باهتة للحضور بل هي مجهود يعمل على الدفع بعجلة التحول و التغييير الفكري في الأحساء ، و كان لا بد لنا ان ننظر لها بكل جدية . إن قوة الطرح تاتي للقضاء على الأجواء المملوءة بالسريالية و المجاملات التي تمنع من إذكاء روح النقد و المراجعة الجادة للمفاهيم المطروحة . إن المحاضرات الثقافية الجادة ليست مكانا لتمضية الوقت و التعبير عن بعض الأهتمامات الشخصية .

2.إن قوة الطرح هو الفاصل في صرف الأنتباه إلى حجم المشكلة و المعضلة التي نواجهها في استثمار مناشطنا الثقافية . أما الذين يذهبون إلى الخلط بين قوة الطرح و الصراحة في وضع اليد على طبيعة المشكلة و الغلظة و الفظاظة فذلك ينم عن طبيعتهم في اعتبار هذه المحاضرات الثقافية و الفكرية هي برامج ترفيهية إحتفالية لا مناهج لتجري في عروق التحول الأجتماعي الفكري لتمده بالتطور و التحول نحو الأصالة و التجديد و التنوير . ان الفظاظة ليست بقوة الطرح بل بأستخدام الألفاظ المخالفة للعفة و الأخلاق العامة و لم تكن هذه المداخلة لتنحى هذا المنحى لأنها مخالفة لهدف و منهج و أخلاق المداخل .
الثاني : محتوى المداخلة في التأكيد على مفهوم الصنمية

لقد أكدت المداخلة و بشكل مستفيض على مفهوم الصنمية و الثقافة التي ترعى صناعة تفريخ الصنمية الفكرية . لابد ان نؤكد ان الأستاذ المحاضر لم يكن مستهدفا أو طرفا في هذا المصطلح بل كانت المداخلة في تأكيدها على رفض صناعة الصنمية منصبة على الأجواء و المنهج الذي اتخذه المنظمون للقاء و ممارستهم لطقوس الصنمية بحالة مفرطة من الغيبوبة و اللاوعي . و اما التأكيد المستفيض على هذا المصطلح هو المعالجة التي يعاني منا منهجنا في التعاطي مع الفكر . الأمة المتقدمة التي تتطلع للفكر الناصع و النابض هي الأمة التي ترى في الفكر و طبيعته مدارا للحركة و من ثم المفكر الذي يتبنى هذه الأفكار . فالمسيرة الأصلاحية التنويرية للمجتمع لا تتعطل على شخص او اشخاص بل ركام الأفكار التي يطلقها الحراك الفكري . ولكن في ثقافة الصنمية تجمد الأفكار مع موت الأشخاص عكس ثقافة الفكر الحر التي تنمو في فضائها الأفكار مع الأحتفاظ بالأشخاص في مواقعهم الذي يستحقون حتى لو غابوا بالوفاة او العجز عن الساحة . و هذا ما ارادت المداخلة التأكيد عليه في ضرورة التمييز بين الأحترام و التقدير اللائق للمفكر و بين الأستسلام المطلق امامه و تعطيل حركة التفكير و النقد و المراجعة لأنتاجه الفكري .
أهداف المداخلة :

1.معالجةالأجواء الأحتفالية و السريالية في المحاضرات الثقافية و الفكرية

2.التأكيد على ان المحاضرة في طبيعتها و المحاضر في منهجه و خطه الفكري لا يتفق مع هذه الأجواء غير المطلوبة و المنهج السلبي .

3.المساهمة في تحديد ملامح المرحلة الفكرية و الثقافية الراهنة للأحساء بشكل خاص و المملكة بشكل عام للأستفادة القصوى من الشخصيات العلمية البارزة كالسيد المحاضر .

4.إماطة اللثام عن حقيقة الأجواء الأحتفالية الباهتة التي تستخدم في مثل هذه اللقاءات و عمق رتابتها و طبيعتها الأستهلاكية .

5.تعميق مفهوم النقد و المحاورة الجادة و المساهمة في التحفيز نحو الحوار العلمي و الدفع بالحضور للتعاطي مع المادة الثقافية المطروحة بالجدية .

أسأل الله ان يوفق الأخوة المنظمين (منتدى الرميلة الثقافي) و ان يجزيهم على مجهودهم الكبير في المساهمة الجادة في تحريك عجلة التحول و التغيير الفكري في الأحساء . كما أشكر جميع الأخوة الذين أكدوا على أهمية المداخلة و ساهموا في التأكيد على ضرورة الأستمرار في التعبير عن أفكارنا و أطروحاتنا بكل شفافية و وضوح في الأطار العلمي و النقد البناء . كما أقدر لجميع الأخوة الذين لم يشاطروني الرأي و التأييد للمداخلة و بهذا ينتعش الفضاء الفكري للمنطقة و لكن لا يستمر هذا الأنتعاش إلا من خلال التعبير عن خوالجنا إلا في الهواء الطلق .

تسلم يديك
يعطيك العافية

مداخلتي في محاضرة الأستاذ محمد العلي

مداخلتي في محاضرة الأستاذ محمد العليدوافعها و اهدافهاالدكتور أحمد محمد اللويمي

مداخلتي في محاضرة الأستاذ محمد العلي

دوافعها و اهدافها

الدكتور أحمد محمد اللويمي