من المفاهيم الخطأ التي تربينا عليها و عززتها ثقافتنا الشعبية مفهوم أن الشخص الذي يحب نفسه هو شخص أناني, و أنه لا يجب أن تحب نفسك بل تحب الآخرين! بل حتى عندما نتحدث عن أنفسنا نقول : أنا و أعوذ بالله من كلمة أنا. لا نستطيع أن نغير أنفسنا ما لم نحبها, و لن نحرص على الخير ما لم نعشق أنفسنا, و لن نصلح الآخرين ما لم نصلح أنفسنا. مبدأ التغيير الفرد, و مصنع النجاح النفس, و أولى خطوات احترام الآخرين و حبهم أن نحترم أنفسنا و أن نحبها.
الذي يدخن لا يحب نفسه, و الذي يسهر كثيراً لا يحب نفسه, و الذي لا يحرص على حضور المحاضرات لا يحب نفسه, والذي يستهتر بالقانون لا يحب نفسه, و الذي يقود سيارته بطريقة جنونية لا يحب نفسه, و الذي يسير وفق هواه و مزاجه لا يحب نفسه, و الذي يكذب أو يغش أو يخون لا يحب نفسه, و الذي لا يحب أسرته و أقرباءه لا يحب نفسه ، و الذي لا يصلي لا يحب نفسه, و القائمة تطول لكني أظنكم فهمتم إلى ما أرمي إليه! أن تحب نفسك يعني ببساطة أن تبحث لها عن الشيء الذي ينفعها و الذي يرتقي بها و الذي يقودها للنجاح, و أن تكره نفسك أن تقوم بما يضرها معنوياً و مادياً. أرى بعض الأشخاص يسير وفق مزاجه و يفعل كل ما يحلو له خاصة في شبابه و هو يظن أنه يحسن صنعاً و أنه «يدلع» نفسه, و فاته أنه -بتلك الأفعال- إنما يضرها لاحقاً. أنا أحب نفسي و لذا أحرص على كل ما ينفعها و ابتعد عما يضرها. أن تحب نفسك يعني أن تقودها لا أن تقودك, و أن تتحكم بها لا أن تتحكم بك, و أن تسيطر عليها لا أن تسيطر هي عليك. من قال أن حب النفس يعني أن نعطيها كل ما سألت و رغبت و أحبت؟! عن جابر بن عبدالله قال: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحماً معلقاً في يدي فقال :ما هذا ياجابر؟ قلت :اشتهيت لحما فاشتريته, فقال عمر:أفكلما اشتهيت ياجابر اشتريت؟! لله درك أيها الفاروق, نعم أفكلما اشتهيت اشتريت؟ أفكلما رغبت نفسك بالسهر سهرت؟ افكلما اشتهت نفسك النوم نمت؟ أفكلما اشتهت نفسك الكسل كسلت؟؟ أفكلما اشتهت نفسك الياس يئست؟ أفكلما اشتهت نفسك التراخي تراخيت؟ أفكلما اشتهت نفسك الإهمال أهملت؟ أفكلما اشتهت نفسك المعصية عصيت؟ هذه دعوة لأن نحب أنفسنا الحب الحقيقي الذي تستحقه دون تراخ أو دعة أو كسل. نشتهي الخير و نعشق العمل و نحب التغيير, و كل ميسر لما خلق له.
بقلم الدكتوور خالد القحص