شبح «الكساد» يخيم على تكتّل دول اليورو

2009-06-06
العرب - AFP
شكل إعلان المكتب الأوروبي للإحصاءات «يوروستات» الأسبوع الماضي عن تراجع معدل التضخم في منطقة اليورو إلى %0 في شهر مايو، صدمة أيقظت مخاوف بإمكانية دخول مرحلة من التضخم العكسي والكساد التي ستصعب من مهمة الجهود الاقتصادية لتجاوز الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الحالية، كما يضرب بقوة التفاؤل القائم لدى المسؤولين في منطقة العملة الأوروبية الموحدة بخصوص الخروج السريع من مرحلة الأزمة الحالية.
وقد بلغت نسبة التضخم في الدول الـ 16 لمنطقة اليورو %0 خلال شهر مايو مقارنة بـ %0.6 في شهر أبريل الماضي، حسب تقدير أولي أعلنه يوم الجمعة المكتب الأوروبي للإحصاءات، وهو ما يعد أدنى مستوى للتضخم منذ إنشاء الاتحاد النقدي الأوروبي في عام 1999. والواقع أن العديد من الدول الأعضاء في منطقة اليورو مثل أيرلندا وإسبانيا، قد دخلت مرحلة التضخم السالب (أي أقل من الصفر) منذ عدة شهور وذلك بسبب تراجع أسعار الطاقة منذ الصيف الفائت أساسا وكذا بسبب الانكماش الذي أصاب اقتصاداتها.
وقد تراجعت الأسعار في إسبانيا خلال شهر مايو بنسبة %0.8 للشهر الثالث على التوالي. وفي بلجيكا سجل التضخم معدلا سالبا بـ %0.37 في مايو لأول مرة منذ 1960، في حين بلغ التضخم قيمة معدومة في مايو في ألمانيا التي تعد أكبر اقتصادات منطقة اليورو.
ويبدو أن الاقتصاديين يتوقعون دخول نسب التضخم في منطقة اليورو المنطقة الحمراء خلال الأشهر المقبلة، نظرا إلى أن مقارنة الأسعار في يونيو ويوليو المقبلين بالأسعار في الفترة المقابلة من العام 2008 ستظهر فوارق كبيرة لأن أسعار الطاقة حينها كانت عند مستوياتها التاريخية الأقصى.
وقال هوارد أرشر من معهد «غلوبل إنسايت»: «لا يوجد الكثير من الشك في أن منطقة اليورو ستعرف معدل تضخم سالب في شهر يونيو المقبل وأن هذا الاتجاه سيستمر خلال عدة أشهر بعد ذلك على الأقل، بالنظر إلى أن أسعار النفط عرفت ذروتها في يوليو 2008». وهو نفس ما ذهب إليه بان ماي من «كابيتال أكونمكس»، إذ يقول: «لا مناص من أن التضخم سيتراجع أكثر في شهر يوليو وما بعده. واحتمالات استمراره على فترة طويلة يميزها الكساد بدأت تتعاظم».
ويعرف الكساد أو «التضخم العكسي» على أنه تراجع عام وطويل في الأسعار، والذي يمكن أن يظهر في الوهلة الأولى أنه في صالح المستهلك. ولكن هذه الظاهرة إذا امتدت لفترة طويلة يمكن أن تكون خطيرة جدا حسب الاقتصاديين. إذ إن هذا الوضع لا يشجع الشركات على الاستثمار مثلما يدفعها إلى محاولة إسقاط تراجع الأسعار على مستوى أجور موظفيها، فيما يقوم المستهلكون بتأجيل مشترياتهم في انتظار انخفاضات جديدة في الأسعار. وعموما فإن التضخم العكسي يعد مؤشرا على انكماش حاد في الاقتصاد يصعب الخروج منه.
ويستبعد البنك المركزي الأوروبي، المسؤول عن مراقبة ارتفاع الأسعار، حدوث خطر التضخم العكسي في المدى المتوسط. وقد صرح رئيس البنك، جون كلود تريشيه بداية شهر مايو الحالي بأن معدلات التضخم سترتفع من جديد بعد أن تظل بصفة مؤقتة على مستويات سلبية لبضعة أشهر منتصف العام 2009.
ويأمل المسؤولون الأوروبيون أن تخرج أوروبا من تبعات الأزمة الاقتصادية بداية من العام المقبل، وهو ما سيسهم أيضا في الابتعاد عن مخاطر الكساد والتضخم العكسي. وقد أكد كل من جون كلود تريشيه والمفتش الأوروبي للمسائل الاقتصادية، جواكين ألمونيا في العديد من المناسبات بأنهما يراهنان على عودة النمو في العام 2010.