عماد البياتي2009/07/29مرّت عليّ أيّام مرّة ومؤلمة وحزينة جداً بسبب مشاكل اجتماعية عصفت بوالديّ في أرض الوطن.. وسببها الرئيسي هو العقوق المنكر وطمع الدنيا الواطيء الغبي ترافقه طباع وتصرفات وكبائر وجرائم اجتماعية غير جميلة؛ بل قبيحة ودميمة بصورة كبيرة جداً.
إنهمكت لأيام عديدة مع هذه المشاكل محاولاً التصرّف الإيجابي من أرض الغربة والترقيع الوقتي لها للتخفيف على والديّ وحمايتهم من الضرر والأذى المادي والمعنوي مستعيناً بأصدقاء مقربين أوفياء جداً قلّما يجود زماننا هذا بمثلهم.
وبعد السيطرة على الموقف من خلال الحلول الوقتية المهدئة والمسكّنة استمرّ حال المرارة والألم والحزن عندي وشعرت كأنما جبلا ثقيلا يجثم على قلبي يصعب زحزحته.
وبعد إسبوع من الأحداث تقريباً وفي نهاية وقت العصر قبيل المغرب وعندما كان الجو يميل إلى الإعتدال بعد هطول أمطار غزيرة وأشعة الشمس تحاول إيجاد سبيل لها بين الغيوم المتفرقة لتصل إلى الأرض مودعة لها قبل المغيب والليل دخلت إلى بيتنا من خلال النافذة المفتوحة فراشة جميلة.
كان شكل الفراشة رائع جدا، فألوان أجنحتها غامقة ومتدرجة بين الأسود والبنّي والأحمر وبأشكال فنّية وهندسية بديعة ومذهلة.
رحت أراقب الفراشة الجميلة وهي تنتقل بين غرف وممرات المنزل بكل حيوية ونشاط وجمال وحالي هو الاهتمام والانتباه والاندهاش من جمال الصنعة.
بقيت الفراشة تتجول في بيتنا طوال الليل.. وعندما استيقظنا في صباح اليوم التالي وجدنا الفراشة مازالت تتجول في المنزل ولم تغادر رغم بقاء النافذة مفتوحة طوال الليل. وفي وقت الضحى ساعدنا الفراشة الجميلة على الخروج من المنزل عن طريق النافذة خوفاً عليها من الهلاك؛ فحياتها في خارج المنزل بين الحدائق والأزهار.
أحسست بعد ذلك أن هذه الفراشة الجميلة قد خفّفت من همّي وحزني لسبب لم أعرفه في بداية الأمر.
وبعد الإستبصار والتفكّر في الأمر توصلت إلى السبب التالي:
إن هذه الفراشة هي مخلوق جميل ورائع جدا.. وهي آية عظيمة تتجوّل أمام أنظارنا تدل على الخالق الجميل جل جلاله.. والخالق الجميل سبحانه يحبّ الجمال وفطرنا على حبّ الجمال.. فأنا مخلوق بالفطرة على حب الجمال المادي والمعنوي.. وعندما تفكّرت في خلق الفراشة الجميلة تذكّرت الخالق الجميل سبحانه خالقي وخالق الفراشة الجميلة وخالق كل الموجودات الجميلة الرائعة من حولنا فارتاح قلبي وسكن لذكر الله الجميل سبحانه.
نعم.. وفوق ذلك فإن الله الخالق الجميل قد أمرنا بالعبادات والأخلاق الجميلة والموافقة للفطرة الإنسانية السليمة الجميلة والمتناغمة مع تسبيحات الموجودات الكونية الجميلة، ونهانا عن الأعمال والتصرفات والجرائم والكبائر الدميمة والقبيحة.. فالفراشة الجميلة من خلال هذا التفكّر المنطقي المتسلسل هدتني إلى التقرّب من الأخلاق الفطرية الجميلة ومعرفة بشاعة الأخلاق القبيحة فارتحت إلى هذه المعاني الإيمانية والأخلاقية الرائعة فخفف ذلك من حزني ومن ألمي!!.
وهكذا.. وبعد هذا التفكّر توصّلت إلى وصفة طبية جميلة ورائعة جدا لعلاج الهم والحزن والألم بسبب التهاوشات الإجتماعية الناتجة عن الأخلاق القبيحة والعقوق الدميم وطمع الدنيا الدنية (هذا مع معرفتي النظرية بما ورد في كتب السير والشمائل النبوية المطهّرة من أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.. ففيها راحة القرب من الله الخالق الجميل الجليل سبحانه).
هذه الوصفة عبارة عن التفكّر في الفراشة الجميلة أو أي مخلوق جميل آخر يستشعره الإنسان ويتأثّر بجماله الأخّاذ – ومخلوقات الله كلها جميلة -؛ فالمخلوق الجميل يوصلنا إلى الخالق الجميل سبحانه الذي فطرنا على حبّ الجمال وأمرنا بالعبادات والأخلاق الجميلة ثم سيجزينا على ذلك بجنة جميلة جدا عرضها السموات والأرض.. هذه الوصفة ستخفّف من الهموم والأحزان بل ربما ستؤدي إلى حل المشكلة جذرياً لأنها تشتمل على التفكر الإيماني الراقي في المخلوقات الجميلة ثم توصل بعد ذلك إلى ذكر الله الخالق الجميل سبحانه ثم بعد ذلك إلى محبّة العبادات والأخلاق الجميلة التي أمرنا بها والمتناغمة مع فطرتنا السليمة والاندفاع لها بالعقل والقلب والجوارح بإذن الله الخالق الجميل سبحانه أملا وطمعا بمرضاة الله الجميل سبحانه وبالجنة الجميلة.
نعم..
إنها وصفة طبية.. جميلة!!!.