من أسباب الاكتئاب وقاتلات السعادة أن تعمل الخير للأخرين وتلقى منهم الشر أو الجحود ، وكلما كان هذا العطاء أكبر وكان الجحود أكبر كان الألم أكثر شدة ، وهذا ما جعل شهيد كالثلايا يقول عبارته المشهورة … ، وقول سعد زغلول ( ما فيش فايدة ياصفية ) ، كما أن أهل العراق بايعوا الحسين بن علي رضي الله عنه ثم تخلوا عنه فأريق دمه مبلالاً رمال كربلا وهو حفيد رسول الله ( ص ) ، وتكرار هذا الحدث جعل نزار قباني يقول : ( كل أيامنا كربلا ) ، وهذا الشيئ نفسه الذي جعل الشعراء يشعرون بالغربة النفسية والوحدة فيقول جبران لقومه مقتبساً من الآية الكريمة ( لكم دينكم ولي دين ) ويقول آخر ( سيذكرني قومي إن جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ) كما يقول آخر ( إن الذي بيني وبين بني أبي لمختلف جدا ) وتأتي الأمثال الشعبية عندما تتكرر الحوادث فنجد ( إعمل خيراً شراً تلقى ) وكذلك ( اتق شر من أحسنت إليه ) وهكذا الحياة لا تخلو من الخذلان والخيانة والجحود فذلك بطل يخذل وآخر يخلص لصديق فيخونه ، ومن المنطلق الواقعي وليس المثالي أو المتشائم نؤكد شيئا مهماً وهو أن أشياء مثل هذه قليلة الحدوث في الظروف العادية والطبيعية لأن الناس ميالون إلى الخير أكثر من الشر ، ولكن في الظروف غير الطبيعية والتي تحتاجإلى تضحية وضغوطها شديدة يقل من يقاوم ، ومما سبق نجد أن جحود الناس للثائر على الأغلب نتيجة للجهل ، وبالنسبة للحسين رضي الله عنه فبسبب الخوف ولصديق بالغت في إكرامه ربما لأنه لايستطيع أن يصل إلى مستواك في العطاء هذا إن لم تكن هناك أسباب تعود إليك .
ولكن ما العمل ؟ وكيف تواجه هذه المشكلة ؟ هناك أساليب عديدة للخلاص من هذه الكئابة الناتجة عن هذه الأسباب ونذكر منها مايلي :
أن تعمل الخير لوجه الله سبحانه وتعالى فلا تنتظر من البشر حمداً أو شكورا وجزاؤك عند الله سبحانه وتعالى .
أن تفهم الطبيعة الإنسانية على حقيقتها وهي أن هناك من الناس من يجحدون ويكثر عدد الجاحدين عندما يكونون في وضع يتطلب التضحية ، كما أن هناك الأوفياء ويقل عددهم كلما كان الظرف صعباً .
أن تعمل ما تعتقده صحيحاً وتعتبره واجباً دينياً وإنسانياً وأخلاقياً بغض النظر عن وفاء الآخرين .
إن ما تقوم به من خير تجد مكافأته عند نفسك من احترامك لنفسك وعلو ذاتك أمامك وهذا مكسب لا يعيه للأسف البعض .
أن تتذكر أن الأنبياء والرسل وهم قدوتنا تعرضوا للأذى من أقوامهم وهم يريدون لهم الخير .
إذا كنت خدوماً جداً أو كريماً جداً أو … جداً فتذكر أن معظم ألناس في أي صفة من هذه الصفات يكونون في الوسط والقلة هم المتطرفون .
ولهذا جاء المثل ( إعمل الخير وارميه البحر ) وقال العرب ( إزرع جميلا ولو في غير موضعه لن يضيع جميل أين ما زرع )
وتذكر أنك لست وحدك فهناك الكثيرون ممن وقعوا في مشكلتك عبر التاريخ وممن يعيشون الآن ولنتأمل كلمات أبي القاسم الشابي :
وأقول للجمع الذين تجشموا هدمي وودوا لو يخر بنائي
ومضوا يمدون الخوان ليأكلوا لحمي ويرتشفوا عليه دمائي
إن المعاول لا تهد مناكبي والنار الا تأتي على أعضائي
فارموا إلى النار الحشائش والعبوا يامعشر الأطفال تحت سمائي